رأوا بالأمس أنك بالثريا****فكيف اليوم أصبح في الرغام
و لقد مدح أحمد شوقي الانجليز و طلب من مصر أن تستسلم لأن الفصول لم تتم و هو في مدحه للانجليز لم يكن صريحا في ذلك فقال في ضمن أبياته:
و انفضّ ملعبه و شاهده على****أنَّ الرواية لم تتم فصولا
و من ذلك أنه نفي من مصر لأنه شاعر عباس و لأنه قال: إنَّ الرواية لم تتم فصولا0
و لما نفي أقام بالأندلس أربع سنوات و اتخذ برشلونة مسكنا له ثم عاد إلى مصر في أواخر عام 1919م بعد أن قضى سنوات في المنفى ألهب فيه النفي لوعة الفراق و إحساسه بالغربة و شوقه إلى مصر الحبيبة0
و لقد أتى بشعر علوي في أندلسياته المشهورة يفيض وطنية صادقة 0
و لقد تميز عن البارودي باستطراداته البديعة في وصف مصر و طبيعتها و تاريخها فقال في سينيته المشهورة:
و سلا مصر هل سلا القلب عنها****أو أسا جرحه الزمان المؤسّي
كلما مرت الليالي عليه****رقّ و العهد بالليالي تقسّي
و كان ينظر في ميدان السياسة المصرية نظرات عامة و يستقرئ العظات و العبر و لم يدع حادثة تمر من غير أن يدلي فيها برأيه بعيدا عن الحزبية:
إلام الخلف بينكم إلام****و هذي الضجة الكبرى علام
و فيم يكيد بعضكم لبعض****و تبدون العداوة و الخصاما
و أين الفوز لا مصر استقرت****على حال و لا السودان داما
و كان يتأثر بالحوادث السياسية كل التأثير و لم يقيد شعره بالوطنيات المصرية بل تعدّى مصر إلى شقيقاتها من البلاد العربية و إلى البلاد الإسلامية0
كما وصف الطبيعة المصرية و قد قضى حقها و وفّى ما على الشعراء من دين أثقل كاهلهم بعد البارودي:
اختلاف النهار و الليل ينسي****اذكرا لي الصبا و أيام أنسي
و طغى لو شغلت بالخلد عنه****نازعتني إليه في الخلد نفسي
و من قصيدة في النيل:
من أيِّ عهدٍ في القرى تتدفق****و بأيِّ كفٍّ في المدائن تغدق
و من روائعه قصيدة في " أنس الوجود":
أيها المنتحي بأسوان دارا****كالثريا تريد أن تنقضّا
اخلع النعل و اخفض الطرف و اخشع***** لا تحاول من آية الدهر غضا
قف بتلك القصور في اليم غرقى****ممسكا بعضها من الذعر بعضا
و لقد برع في الشعر القومي الوطني و الاجتماعي و التعليمي و المسرحي 0
و لقد أعطاه الرثاء فرصة كي يستخلص العبر و العظات من الحياة و من الموت من ذلك:
الناس جار في الحياة لغاية****و مضلل يجري بغير عنان
المجد و الشرف الرفيع صحيفة****جُعلت لها الأخلاق كالعنوان
دقات قلب المرء قائلة له****إنّ الحياة دقائق و ثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها****فالذكر للإنسان عمر ثاني
**************
هذا و بالله التوفيق,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
أبوشادي الصور الحارثي