تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والترويج لهذا السم الشعوبي قديمه وحديثه بشكل غريب في الكتابات والندوات .. وإما بالغض من قيمة ما جادت به القرائح المسلمة عبر التاريخ، أو التهوين من شأنها تحت شعار قديم اكتسب مشروعيته من ترويجه والدفاع عنه بفهم معتم "أعذب الشعر أكذبه" .. وكذلك خلف اللافتة العريضة التي كتب عليها ظلما وعدوانا إن:" الشعر نكد بابه الشر" (3) " إذا أدخلته في باب الخير لان " (4) .. وإما باستئصاله وادعاء أنه بدون جذور وأنه لا علاقة للدين بالأدب، وأنى لهذه العلاقة أن تتحقق ولكل منهما عالمه الخاص به مصدرا وأسلوبا وطريقة ومنهجا وأهدافا .. (5) ..

لقد جاء زمان هؤلاء الفرسان الذين نلحظهم على الساحة المعاصرة .. فهاهم يصولون ويجولون ويتقنون ويتفننون ويحسنون إبداعا ونقدا وتنظيرا .. برابطة عالمية ولجن إقليمية وأندية ومطبوعات ورقية وإلكترونية ومجلات وصحف وملحقات وندوات وأبحاث جامعية .. إنهم يدفعون بسواعد الشعر والقصة والرواية والمسرحية والأنشودة والنقد والتنظير والتسطير .. وبكل الأجناس والأنواع الفنية السمعية والمرئية والمقروءة .. يدفعون مركبة الأدب الإسلامي نحو العالمية التي خطها الإسلام الحنيف منذ بداية الدعوة لأهله على خلفية قوله عز وجل:) ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين))) (الأنبياء:106) .. يدفعون المركبة المباركة في زمن أصبح فيه الأدب بضاعة مزجاة تستغل على جميع الجبهات وتحتكر في كل المجالات ..

ومن هؤلاء الفرسان الذين ملأت الدنيا أسماؤهم بأدبهم وشعرهم الذي تبنى قضاياهم: قضايا الإسلام والمسلمين .. وقضايا الإنسانية والمستضعفين .. وقضايا الأرض والمشردين .. نجد شاعرنا الدكتور عبد الغني بن أحمد جبر التميمي الذي جمع بين ثقل الإبداع الذي لذعه، وغم الأمة الذي أرقه، وهمّ الأرض الذي لدغه .. يقول فارسنا الذي جعل أدبه رديفا للقضية بل جعل شعره يرقى إلى مستوى وحجم القضية، وكيف لا وهو نفسه من أهل القضية .. يعيش معاناته الذاتية والجماعية، ويقوم بتسجيل تلك المعاناة في جمالية إبداعية شعرية بعفوية وتلقائية تامتين، لا تكلف فيها لأنها معاناة معيشة .. وبذلك فهو يعبر عن الالتزام بمفهومه الإسلامي وينأى بنفسه عما يسمى الإلزام، ويعبر بلا طلاسم ولا غموض يحجبها عن متلقيها لأنها بكل بساطة معاناة تصور القضية التي يحياها على أنها قضية فرد وشعب وأمة وإنسانية .. وبذلك يقف بكل ثقة أدبية شاعرية أمام ما يستجد على الساحة الأدبية من حداثات منحرفة موغلة في "اللامفهوم" ..

إذن يقول فارسنا راسما أهم الأدوار التي يجب أن تناط بالأدب الإسلامي عموما والشعر منه على الخصوص بل والتي قام بها فعلا كما سبقت الإشارة وبكل امتياز: " ((للأدب الإسلامي - وأعني الشعر بالذات لأنه سيف الأدب الأمضى- دور جيد وحضور لا بأس به في التعبير عن هموم الأمة وقضاياها وخاصة قضية فلسطين)) " كما يعتبر شاعرنا الفارس - وهو يتحدث عن موهبته وكيف تتفتق ومتى تتفجر - أن " ((من مفجرات الشعر عنده آلام الأمة ومعاناتها التي تفجر الصخر ألما)) " (6) ..

الهوامش والمراجع:

(*) يرجى الاطلاع على مقالنا "هموم الأرض في الشعر الإسلامي المعاصر " من مجلة المسلم المعاصر في عددها 48 السنة 12 شوال 1407هـ الصفحة:91.

(1) هذا المصطلح يطرح مجموعة من المشكلات في تركيبته وفي تاريخيته ومدى تعبيريته .. نتركها لبحث آخر إن شاء الله ..

(2) سنن البيهقي الكبرى > كتاب الشهادات > باب شهادة الشعراء: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: اهجوا قريشا فإنه أشد عليها من رشق النبل، فأرسل إلى ابن رواحة فقال: اهجهم، فهجاهم، فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك رضي عنه ثم أرسل إلى حسان بن ثابت رضي الله عنه فلما دخل عليه قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه، ثم قال: و الذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: لا تعجل، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، و إن لي فيهم نسبا حتى يخلص لك نسبي، فأتاه حسان ثم رجع فقال: يا رسول الله قد محض لي نسبك، و الذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين، قالت عائشة رضي الله عنها: فسمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لحسان: إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، و قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: هجاهم حسان فشفى و اشتفى، فقال حسان [الوافر]:

هجوت محمدا فأجبت عنه و عند الله في ذاك الجزاء

هجوت محمدا برا حنيفا رسول الله شيمته الوفاء

فإن أبي و والده و عرضي لعرض محمد منكم وقاء

ثكلت بنيتي إن لم تروها تثير النقع موعدها كداء

ينازعن الأسنة مشرعات على أكتافها الأسل الظماء

تظل جيادنا متمطرات تلطمهن بالخمر النساء

فإن أعرضتم عنا اعتمرنا و كان الفتح و انكشف الغطاء

و إلا فاصبروا لضراب يوم يعز الله فيه من يشاء

و قال الله قد أرسلت عبدا يقول الحق ليس به خفاء

و قال الله قد أرسلت جندا هم الأنصار عزمتها اللقاء

لنا في كل يوم من معد سباء أو قتال أو هجاء

فمن يهجو رسول الله منكم و يمدحه و ينصره سواء

و جبريل رسول الله فينا و روح القدس ليس له كفاءأخرجه مسلم في الصحيح ..

(3) قولة للأصمعي انظر كتاب:"الشعر والشعراء لابن قتيبة الدينوري دار الثقافة بيروت الطبعة الثانية 1969 الجزء 1 الصفحة 311 .. "وانظر "الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء .. للمرزباني تحقيق علي محمد البجاوي دار نهضة مصر الطبعة 2/ 1965 الصفحة:85"

(4) قولة للأصمعي انظر كتاب: "الموشح للمرزباني تحقيق علي محمد البجاوي 1965 الصفحة:85"

(5) هذه نظرة قديمة في النقد العربي القديم إلا أنها اتخذت لها أشكالا جديدة مع مجموعة من الكتاب المعاصرين انظر مجلة "القاهرة" المصرية العدد:10 تاريخ 09/ 04/1985 والعدد:13 تاريخ 30/ 04/1985 .. وقارن " نقد المركزية العقائدية في نظرية الأدب الإسلامي" لسعيد علوش دار أبي رقراق- الرباط /المغرب طبعة 2002.

(6) في حوار للشاعر مع شبكة المشكاة الإسلامية وهذا هو الرابط: http://www.meshkat.net/new/contents.php?catid=12&artid=12005

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير