تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد جالست هذه الأمة جماعة المحوقلين الذين لا يفهمون حقيقة معاني الحوقلة تلك الحقيقة التي تصور مفهوم الحوقلة على أنها تركيب لغوي يفيض بمعان نفسية عالية وأبعاد واقعية راقية وطموحات تغييرية مستمرة فحين يخرجها المؤمن بها حق الإيمان من أعماق أعماقه مسرا بها أو معلنا "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" فإنه يستمد الحول والقوة من صاحب الحول والقوة في الأصل وبذلك يأمن على نفسه ويضمن السلام والأمان لكل حركاته وسكناته لأنه يتحرك وهو يعتقد اعتقادا جازما لا يشوبه أدنى شك بأن من يسنده هو القوي ذو الجلال والحول والعلو والعظمة لا خوف ولا حزن ولا وهن ... ومن ثمة فإن حركة الأمة تصبح مستوعبة للمثال وفاهمة للوضع ومتعظة من الدرس وطامحة لتغيير الواقع انطلاقا من تغيير النفس نحو الفهم الصحيح للحوقلة .. وهكذا يكون النهج سليما والطريق قويمة والتوجه واضحا بينا والواقع المتردي راقيا متطورا ويتحقق الخروج من الغربة تماما كما أخبر سيد الخلق سيدنا محمد رسول الله r حين قال فيما يرويه الإمام الترمذي في جامعه: "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس .. " وتنطلق العودة إلى قيادة العالم بمنطق الحكمة المنطلقة من فهم الحوقلة نفسها ورفع راية سبحان ذي الجلال والكمال فيصبح بذلك المحال هو الغريب في هذه الأمة لا مكان له فيه ..

سبحان ذي الجلال والكمال

فتلك حكمة تحرك القلوب في الصدور

تزحزح الرواسخ الثقال

لعله أن يحدث الذي نظنه المحال

أن يحدث التغيير في النفوس

وذاك غاية المنال

أن يحدث الزلزال

وبهذا تنتهي القصيدة وتنتهي معها تلك المشاهد المثيرة التي تصور المدينة في شكلها الواقع رمزا للفساد العقدي والسلوكي وكل ما يترتب على هذين العنصرين في الحياة وصورت رجالا معدنهم نقي وأصيل أثبت نقاءه وأصالته من جديته في الدعوة إلى الخير والعمل على نشره والصبر عليه انطلاقا من " .. وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" كما صورت الأمة المترقبة التي نامت ثم نهضت بعد يبات طويل لتأخذ بزمام المبادرة في عالم المستقبل وأخيرا صورت النهاية الموفقة لكل من يريد الخير ويحب الفضيلة ويسعى إلى نشرهما أو على الأقل تأييدهما ودعمهما بكل الوسائل بعد أن يتشبع هو نفسه بهما ..

إنها ملامح البنية التي تحكم هذا النص وتنشر عليه كله سلهامها كما تحكم أغلب إن لم أقل كل النصوص الشعرية الإسلامية المعاصرة التي تعاملت معها إما قراءة عابرة أو قراءة متأنية أو قراءة نقدية أو قراءة مقارنة .. فتأكد من خلال ذلك أنها "بنية الغربة والعودة" فطوبى للغرباء الأدباء الذين عادوا إلى ساحة الوغى وألف طوبى ...

المراجع والهوامش:

1. مجلة المشكاة العددان المزدوجان 36و37 سنة 2001 وجدة المغرب الصفحة:122 ..

2. للاستئناس انظر قصائد "الرجل الجوف" و"الأرض اليباب" لإليوت ت. إس. و"البغي" لنزار قباني. و"المومس العمياء" لبدر شاكر السياب .. وقصائد أخرى لصلاح عبد الصبور وعبد المعطي حجازي وأمل دنقل وغيرهم ..

ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[26 - 05 - 2007, 11:15 ص]ـ

تحليل موفق أستاذ عبد الرزاق ..

بورك فيكم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير