تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الاولى بان عمله ليس الهدم للمثالية في اللوغوس بقدر ما تثمل خلخلة " لكل المعاني التي تتحد منتاءها من اللوغوس، وبالخصوص معنى الحقيقة ... "، يقول د. غسان السيد: ((لقد جاءت اللّحظة الحداثويّة الأوربيّة التي نقلت الإنسان من واقعٍ إلى واقعٍ آخر مختلفٍ تخلخلت فيه كلّ الثّوابت السّائدة التي جمّدت العقل البشريّ لقرونٍ طويلةٍ. فتشكّل وعيٌ جديدٌ معارضٌ بصورٍ كلّيّةٍ للوعي اللاّهوتيّ الذي أراد توحيد العالم حول مركزٍ عقائديٍّ موحّدٍ يتجسّد فيه المعنى الوحيد للحقيقة التي لا تقبل النّقاش. ومنذ تلك اللّحظة تميّز الفكر الغربيّ بالقدرة على مراجعة ما أنجزه واشتغل عليه حتّى وإن كان يقع ضمن ثوابته. وولّد هذا الأمر خطاباً مختلفاً عمّا هو سائدٌ، خطاباً يريد أن يقطع كل الجسور مع الماضي، ومع أي نقطة إحالة مرجعية ثابتة. ويتمثّل هذا الخطاب، بصورةٍ خاصّةٍ، في خطاب جاك دريدا، الذي جاء في الأساس ليفضح الخطاب الغربيّ الذي لم يستطع في مراحله كلّها التّخلّص من مركزيّةٍ حادّةٍ تتحكّم في الوعي الجماليّ والقيميّ للإنسان. ((

و يبدأ دريدا رؤيته في تحليله التفكيكي من تشريحه للارض،فهو ينطلق من " البقعة السطحية ل (بقعة الأرض) والتي تظهر وحدها للعيان، يتم البحث بواسطة التنقيب الذي لا يفتت ما اكتشفته لاول مرة عن الطبقات التحتية السابقة (زمانياً) والتي غطت منذ امد بعيد، بل ظلت دوماً مخفية وهكذا فان التمييز بين المحسوس والمعقول ليس امراً بديهياً لانه (لا يمكن الإبقاء على التعارض ... بين الدال signans والمدلول signatum ، بدون ان تجلب نحو الذات كل جذورها الميتافيزيقية اللاهوتية .. ) ويمكن الحديث عن أهم المعطيات النقدية التي قدمها دريدا لمشروعه النقدي التفكيكيّ من خلال النقاط الآتية:

1ـ الاختلاف: Difference. : يشير المصطلح الأول (الاختلاف) إلى السماح بتعدد التفسيرات انطلاقاً من وصف المعنى بالاستفاضة، وعدم الخضوع لحالة مستقرة، ويبين (الاختلاف) منزلة النصية ( Textaulity) في إمكانيتها تزويد القارئ بسيل من الاحتمالات، وهذا الأمر يدفع القارئ إلى العيش داخل النص، والقيام بجولات مستمرة لتصيد موضوعية المعنى الغائبة، وترويج المعنى ـ حسب دريدا ـ يخضع دائماً للاختلاف، والمعنى من خلال الاختلاف يخلق تعادلات مهمة بين صياغات الدوال والاطمئنان النسبي إلى اقتناص الدلالة. ان المضي في عدم تحديد ماهية اللفظ ودلالته وضعت المتلقي في دوامة يصعب الخروج منها. ان دريدا اكابتراتيجي يقظ بصور الاختلاف كمعارض في ذاته، ((كيف وفي نفس الوقت يمكن التفكير في الاختلا (أ) ف كدورات اقتصادي .. ومن وجهة اخرى التفكير فيه كانفاق بدون تحفظ، كفقدان لحضور لا يعوض، كاستهلاك لا رجعة فيه للطاقة، بل كاندفاع موت وعلاقة بكل اخر يعيق ظاهرياً ياكل اقتصاد ... )) انها النهاية التي لا يمكن البحث لها عن بداية او العكس وهكذا تصبح الدوال والمدلولات عند دريدا في ضياع ...

2ـ نقد التمركز: Critique of centricity : ويُقدم المعطى الثاني من معطيات دريدا (نقد التمركز)، إمكانية كبيرة في فحص منظومة الخطاب الفلسفي الغربيّ عبر قرونه الممتدة زمنياً، والمكتسبة لخصوصية معينة في كلّ لحظةٍ من لحظاتها، بوصفها المراحل المتعاقبة للبناء التدريجي للفكر الأوربي الحديث، ويكشف هذا المعطى في الوقت نفسه عن التأمل الفلسفي المتعالي، ويعمل على تعريته، وتمزيق أقنعته بوصفها رواسب حجبت صورة الحقيقة. ويُصر دريدا على أنّ لكل تركيب مركزاً سواء كان تركيباً لسانياً أم غير لساني، فلسفياً أم غير فلسفي، وحمل التراكيب لمراكز محددة يعطي أهميةً لحركة الدوال، لأنّ المركز ـ حسب دريدا ـ هو الجزء الحاسم من التركيب، إنّه النقطة التي لا يمكن استبدالها بأي شيء آخر ويجب التفريق بين أهمية المركز بالنسبة للتركيب النصي، وبين نقد التمركز، فالمركز شيء إيجابي لحركة الدلالة والمعنى، أما التمركز فهو شيءٌ مُفتعل يضفي المركزية على من هو ليس بمركز، ويقود ذلك إلى احتكار التكثيف ( Decondense)، واستبداد النموذج ( Exemplarity) بمعنى قيام بنية مركزية تدعي لوحداتها النموذج المتعالي الذي يصح تطبيقه على كلّ نص، في زمان غير مقيّد، وتَوجُه دريدا في هذا الإطار كان منصباً على نقد التمركز بوصفه دلالة سلبية،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير