تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتحت عنوان القيم الشعورية والقيم التعبيرية في العمل الأدبي، نجد ان العمل الأدبي وحدة مؤلفة من الشعور والتعبير، ومن هنا نجد صعوبة مادية في تقسيمه الى عناصر لفظ ومعنى، او شعور وتعبير، فالقيم الشعورية والقيم التعبيرية كلتاهما وحدة لا انفصام لها في العمل الادبي وليست بالتالي الصورة التعبيرية إلا ثمرة للانفعال بالتجربة الشعورية وقد اسهب المؤلف في حديثه عن القيم الشعورية، وساق امثلة شعرية للمتنبي وابن الرومي والمعري وخلص الى ان شعراء العربية في الغالب يصورون لنا فلسفتهم الشعورية في قواعد فكرية، ويصوغونها كقواعد في أبيات قليلة، واما وحدة العمل الادبي الثانية وهي القيم التعبيرية، فالنقد لا يتعلق بالتجربة الشعورية الا حين تأخذ صورتها اللفظية، وذلك لأن الوصول اليها قبل ظهورها في هذه الصورة محال، ولأن الحكم عليها لا يتأتى إلا باستعراض الصورة اللفظية التي وردت فيها، وبيان ما تنقله هذه الصورة الينا من حقائق ومشاعر، ثم يسوق أمثلة على توضيح ما يريد إفهمامه للقارئ حول موضوع القيم التعبيرية من كتابه التصوير الفني في القرآن، ثم يطرق مبحث فنون العمل الادبي، والعمل الادبي فنونه شتى، فهناك الشعر الذي يعتبر أول هذه الفنون ظهورا، واقدمها تاريخا، وهو متميز في الأدب العربي من ناحية طبيعته عن النثر بحكم ظهور الايقاع الموسيقي المقسم، وبحكم القافية، ثم الاهم وهو الروح الشعرية التي قد توجد في بعض فنون النثر، فتكاد تحيله شعرا، وهذه الروح الشعرية هي الاحساس بما هو ارفع أو أوقى على العموم من الحياة العادية، ايا كان لون هذا الاحساس روحيا او حسيا، وهي التي بالتالي تستعدي التعبير الشعري، وثاني هذه الفنون هو القصة والأقصوصة، فالشعر تعبير عن لحظات خاصة في الحياة، والقصة هي التعبير عن الحياة بتفصيلاتها وجزئياتها كما تمر في الزمن، بفارق واحد بينهما، وهو ان الحياة لا تبدأ من نقطة معينة، ولا تنتهي الى نقطة معينة، اما القصة فتبدأ وتنتهي في حدود زمنية معينة، وتتناول حادثة او طائفة من الحوادث بين دفتي هذه الحدود، والقصة ايضا ليست هي مجرد الحوادث والشخصيات، إنما هي قبل ذلك الاسلوب الفني، أو طريقة العرض التي ترتب الحوادث في مواضعها، وتحرك الشخصيات في مجالها، بحيث يشعر القارئ ان هذه حياة حقيقية تجري، وحوادث حقيقية تقع وشخصيات حقيقية تعيش، واما الاقصوصة فيرى المؤلف انها شيء آخر غير القصة، ويرى ان تسميتها بالقصة القصيرة هكذا Short Story توجد شيئا من اللبس، والاختلاف بين القصة والاقصوصة لا يقف عند الحجم بل يتعداه الى الطبيعة والمجال، فالقصة تعالج فترة من الحياة بكل ملابساتها وجزئياتها وتشابكها، وتصور شخصية واحدة او عدة شخصيات في محيط واسع في الحياة، ويجوز ان تصف مولد هذه الشخصية، وكل ما احاط به، اما الاقصوصة فتدور على محور واحد، وفي خط سير واحد، ولا تشمل من حياة اشخاصها الا فترة محدودة، او حادثة خاصة، او حالة شعورية معينة، والقصة لا بد لها من بدء ونهاية للحوادث، اما الاقصوصة فلا يشترط فيها هذا,, والفن الادبي الثالث هو التمثيلية، فإذا كان في ميسور القصة تصوير الحياة في فترة من فتراتها بكل جزئياتها وملابساتها غير مقيدة بقيد معها بهذا القيد دون ان تتمتع بالحرية التي تتمتع بها في الجوانب الاخرى، فهي اولا مقيدة بزمن محدود، وهو زمن التمثيل، ثم ثانيا بطريقة تعبير معينة وهي الحوار، ثم ثالثا بقيود المسرح والممثل والنظارة، وبين الموهبتين القصصية والتمثيلية اختلاف، فالموهبة في القصة تصوير وتسلسل واستطراد، والموهبة في التمثيلية تنسيق وتقطيع وحركة، وموضوعات التمثيلية هي الموضوعات الواقعية على وجه الاجمال، فمجالها هو الارض، وحركتها انسانية,, محسوسة على قدر الإمكان، ومن خلال حديث المؤلف عن التمثيلية اشار إشارة مهمة الى التمثيلية الرمزية، والتي لم يكتب لها النجاح لأنها اخلت بشرطين اساسيين في التمثيلية وهما الواقعية والحركة، و ألمح المؤلف بناء على هذه النقطة الى إخفاق تمثيليات توفيق الحكيم في مصر، وسبب الاخفاق لا يعود إلى الاخراج والتمثيل، بل مرجعه الى خروجها عن ميدانها الطبيعي، وعدم اتساقها مع الأدوات الميسرة للتعبير في التثميلية، ثم انتقل المؤلف الى الفن الرابع من فنون الادب وهو الترجمة والسيرة،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير