في طبعة دار صادر لديوان جرير التي تمت طباعتها عام 1991م جاء في المقدمة مانصه: …فكان هجاء الفرزدق وجرير مملوءا فحشا وتعهرا وتعييرا، أما الأخطل فكان نزيه الهجاء، يعير ولايفحش ولايتعهر، وقد اضطرنا مافي هذا الديوان، ديوان جرير من بذاءة وإفحاش في الشتائم إلى أن نحذف الأبيات والمقطوعات البذيئة ضنا بالأخلاق العامة، وتيسيرا لدخول هذا الديوان إلى البيوت والمدارس، ثم ليقيننا أن ماحذفناه لاقيمة أدبية أو تاريخية له، فيبخل به ويستبقى…اهـ.
ص 6 - 7، ديوان جرير طبعة دار صادر.
بالنسبة لي كقارئ من عامة القراء، فإن هذا العذر مقنع ولاغبار عليه، والاطلاع على المحذوف ممكن في أماكن أخرى بكل يسر،مع أن الأمانة الأدبية أكبر من أن تختزل في مثل هذا، وكنت من القائلين بدخول مثل هذه التصرفات في أعمال التزوير!
لكني وجدت المحذوفات لاتكاد تذكر وماهي إلا أحاد حين مقارنتها مع ألوف النصوص الكوامل!
الجزء الذي ذكرته أعلاه جاء في مقدمة الكتاب ولم يذيل بمحقق أو كاتب، وأول مايتبادر إلى الذهن أن المقدمة كتبت من قبل إدارة دار صادر.
ولكن استوقفتني عبارة فيها ما فيها!، وهي تمجيد شعر الأخطل وهو الذي سب الأنصار في الحادثة المشهورة مع الصحابي الجليل النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه، وهذا ليس فحشا وفق مفهوم دار صادر!
حسنا، حينما أخذت الكتاب المذكور من مكتبة صادر، أخذت معه كتابا آخر هو ديوان الفرزدق وهو في جزأين، ويبدو من الخط والتجليد أنهما طبعا في وقت واحد، رغم أن ديوان الفرزدق لايوجد عليه سنة الطبع ولاتوجد عليه أيضا العبارة المعهودة: حقوق الطبع محفوظة.
حينما قرأت مقدمة ديوان الفرزدق وجدت المقدمة بقلم:كرم البستاني!!
جاء في آخرها مانصه:…وحذفنا من شعره الهجائي ما رأينا أنه لايحسن أن يقرأه الطلاب لما فيه من فحش، ومخالفة للآداب الاجتماعية… اهـ
لو جاء كرم البستاني إلى مشاركتك هذه يا أستاذ مثنى فلن يغادرها حتى ينقحها لأنها تعج بالألفاظ غير المهذبة!
نعم، نقدر وجهة نظرك، وصدقك بالنقد الجاد، لكن اختياراتك للكلمات والأمثلة غير موفقة.
ثم لم تذكر عن الكتب التي أشرت إلي نقد محققيها إلا كتاب ألف ليلة وليلة وهو كتاب يعزف عن قراءته كثيرة من الأدباء، ولعلك تمدنا بكتب محددة ليتم التحاور حول موضوع بتر أجزاء منها لنستفد من بعضنا البعض في مناقشات جادة تعود علينا بالنفع والفائدة.
وعلى كل حال فلا أبالغ حينما أقول أن موضوع الحذف الذي أشرتَ إليه فإنه لايتجاوز مانسبته جزء من الواحد في المئة من مجموع أعمال المحققين، وهي نسبة لاتبيح لنا بحال أن ندعو على المحققين بشلل اليد ونحوه،بل ندعو لهم بالتوفيق ولامانع أن ننتقدهم أو نراسلهم والدور التي طبعت لهم لنصل إلى نقد بناء هادف يعود بالنفع على جميع القارئين باختلاف طبقاتهم.
ختاما، أرجو منك أستاذي الكريم أن تعيد صياغة الموضوع وتجنبنا الكلمات التي تنفر الأذن من سماعها لنرتب الموضوع بحلة جديدة لنفيد من طرحك الثر، والمقص بانتظار ترتيبك ليعمل عمله.
دمت موفقا