تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يتحرك بحرية بعد ان يستوعب ما تقدمه من تراث شعري ولا يتعامل مع الشعر بقوانين منطقية صارمة بل يجيز له ان يبتكر ويجدد ويخرج عن مألوف الشعراء وما اعتادوا عليه وكأن المعري قد تيقن ان ابا تمام شيء جديد وظاهرة متميزة في الشعر العربي. أي ان هذا الاستعمال الجديد لهذا المعنى وهذه العلاقات غير المألوفة بين الالفاظ قد أصبحت سمة على ابي تمام وينبغي على النقاد ان يفهموا هذا ويستعملوا أدوات جديدة في تعاملهم مع شعره اذ لا تجدي المقاييس التي اخذوا بها عليه خروجه على سنن الشعر وعدم سيره على نهجها القديم فهو شاعر يختلف عن غيره ويجب ان يفهم على هذا الاساس. إن هذه النظرة الى التطور الدلالي قد جعلت المعري يقف في صف الجديد القائم على القديم الذي يمد الشعر بروح متطورة قادرة على النمو والاستمرار وإن خالفت الذوق المألوف والموضوعات الثابتة. ويتصل بالنقد اللغوي عن الضرورة الشعرية وذلك لأنها (من موضوعات اللغة والنحو المهمة) كما انها تدخل في باب الخطأ اللغوي الذي يقع فيه الشاعر وقد اختلفت الاراء حولها فبعض النقاد جوز للشاعر استخدامها وغيرهم عدها خطأً يقع فيه الشاعر ينبغي الابتعاد عنه وقد كان للمعري فيها نظرات كثيرة اذ كانت من (ابرز معالم نقده اللغوي) لذا كان لزاما ان تعرض هذه النظرات بشيء من التفاصيل.الضرورة الشعرية هي ما يضطر الشاعر (الى اللجوء اليها والتي يخرج فيها عن قواعد اللغة والنحو من الزيادة والنقصان والاتساع وسائر المعانى من التقديم والتأخير والقلب والإبدال. تحدث المعري عن الضرورة وقد قسم الضرورات الى ثلاثة انواع من حيث سماعها وشذوذها وهي (مقيسة ومسموعة وشاذة عن القياس والسماع) وهذا التقسيم يعتمد على استخدام المتقدمين لها فهي مسموعة أي وردت في شعر المتقدمين وسمعت عنهم ومقيسة على هذا المسموع اما الشاذة فهي ما خرجت عن السماع والقياس وقسم الضرورات ايضا الى ثلاثة اقسام من حيث موقع الضرورة في الكلمة الى ضرورة (صدرية وعجزية وحشوية) وهو كما يظهر تقسيم دقيق يظهر ان الضرورة لا تنفرد بموقع خاص في الكلمة بل ربما وقعت في صدرها او وسطها او اخرها كما قسم الشعراء في ضوء الضرورة الى ثلاثة انواع (مصيب ومخطيء ومضطر) وبموجب هذا التقسيم فالمعري يخرج الضرورة من دائرة الخطأ اللغوي الى الاضطرار الذي يجوز للشاعر استعماله دون خوف الوقوع في الخطأ. وبعد عرض هذه التقسيمات يستنتج ان المعري يبيح الضرورة للشعراء ولكن بقدر محدود وبعد الذي تقدم من كره المعري للضرورة فهو قد اجازها بقدر محدود والظن ان سبب هذا احساسه بالاختلاف الواقع بين الشعر والنثر وان للشعر منطقه الخاص وعلاقاته المتميزة التي تنأى به عن النثر وطبيعته. والحقيقة ان رأي المعري في اطلاق الضرورة بحذر والتفرقة بين استعمالها في الشعر والنثر انما يمثل نظرة واعية لطبيعة الشعر تساعد الشاعر المجيد على الاستفادة من رخصها دون الركون اليها دائما لأنها في آاخر المطاف ضعف في ثروته اللغوية. وغاية الامر فإن إقرار المعري للضرورة لم يكن سوى منفذ للشعراء يستطيعون التعبير من خلاله بشيء من الحرية دون خوف الوقوع في الخطأ الذي يشهره النقاد في وجوههم وهو تنبيه من المعري الى ان هذا الاقرار لا يسوغ للشاعر الركون اليه دائما وإلا عُد هذا نقصا في موهبته وثقافته.

ـ[الهمام2003]ــــــــ[21 - 04 - 2008, 04:50 م]ـ

إلى أخي ابن رشيق

أود لو تتطلع على كتاب (الفن ومذاهبة) للدكتور شوقي ضيف ففيه الكثير عن مذهب التصنع.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير