تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[إثبات تواتر القرآن دون الحاجة إلى اللهجات والقياس في القراءات]

ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[27 Dec 2007, 12:43 م]ـ

حوار مع القراء

علم القراءات عبر التاريخ الإسلامي في الميزان

لقد تأثر علم القراءات منذ نشأته بمنعطفين اثنين:

أولهما تمسك القراء بعد جيل التابعين بلهجات العرب الذين عاصروا نزول القرآن واحتج بهم النبي ? لربه أنهم لا يطيقون القراءة بلغة قريش وحدها، ولا يخفى أن جيل الصحابة فضلا عن التابعين لم يمض حتى لم يعد في الجزيرة قبيلة متقوقعة لا تعرف غير لهجتها إذ وقع الاختلاط ونفر الرجال إلى الجهاد خارج الجزيرة وتأثر العرب بالعجم مما يعني تأثر العرب بعضهم ببعض قبل ذلك.

وبانقراض جيل الصحابة لم يعد من قبائل العرب من لا يستطيع غير تخفيف الهمزة أو غير الإدغام الكبير أو غير قراءة نحو ? حيل ? و ? سيق ? و ? قيل ? بإشمام أوائلها الضم أو غير قراءة ذوات الياء بالإمالة إلخ ... ويعلم كل من درس كتب القراءات أن من القراء والمتعلمين العرب من لا يطيق التفرقة بين قسمي الإمالة ولا النطق ببين بين ولا الروم والإشمام منذ انقراض جيل التابعين إلى يومنا هذا.

قال القاضي أبو العلاء في غايته ومن لم يمل عنه يعني عن أبي عمرو " فعلى " على اختلاف حركة فائها وأواخر الآي في السور اليائيات وما يجاورها من الواويات فإنه يقرأ جميع ذلك بين الفتح والكسر وإلى الفتح أقرب قال ومن صعب عليه اللفظ بذلك عدل إلى التفخيم لأنه الأصل انتهى من النشر (2/ 54).

قلت: يعني بالتفخيم الفتح الخالص وهو صريح في ما يأتي تقريره من ضرورة قراءة القرآن باللسان العربي الفصيح الخالي من اللهجات.

وأما ثاني المنعطفين فقد بدأ مع نهاية القرن الثاني عقب قرّاء الأمصار إذ خلفتهم أجيال قال عنها ابن الجزري في النشر (1/ 9) فكان منهم المتقن للتلاوة المشهور بالرواية والدراية ومنهم المقصّر على وصف من هذه الأوصاف وكثر بينهم لذلك الاختلاف وقلّ الضبط واتسع الخرق وكاد الباطل يلتبس بالحق اهـ بلفظه وخلص بعد ذلك ابن الجزري إلى أنه سبب تأصيل أصول وأركان القراءات التي هي صحة السند وموافقة وجه من النحو والرسم، واعتبار خلو القراءة من أحد هذه الأركان الثلاثة عند أئمة التدوين منذ القرن الثالث دليلا قويا لوصفها بالشذوذ أي عن أداء المصاحف العثمانية.

قلت: وإنما كانت هذه الأركان ميزانا وضعه المصنفون الأوائل الذين كانوا يجمعون ما وصل إليهم من القراءات ولقد كانت هذه الأركان لحفظ القراءات والروايات وضابطا لقبول انشطارها وتعدّدها إذ كانوا يكتفون بصحة السند إلى أحد المصنفين أو أئمة القراءات ولا يستطيع أحد رفع كل خلاف من قبيل اللهجات في القراءات إلى النبي ?.

أما القرءان فهو متواتر حرفا حرفا وفي كل كلمة منه وحتى في تفردات القراء والرواة مثل تفرد حفص في تحريك همزة ? دأبا ? يوسف 47 وفي تنوين ? من كل ? في هود 40 والفلاح 27 وتفرد ابن عامر الشامي في قراءته قوله ? وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ? الأنعام 137 ونحوه إذ أن جميع تفردات القراء والرواة في الفرش وفي ما ليس من قبيل اللهجات هي تفردات لهم من طرق طيبة النشر أو أقل منها إذ وافقهم كثير من معاصريهم وممن قبلهم في قراءتها كذلك من طرق أخرى.

وظن التراث الإسلامي وعلى رأسه القرّاء أن الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن هي لهجات العرب المأذون بقراءة القرآن بها للرعيل الأول الذي لا يستطيع العدول عن لسانه الذي تربى عليه وهو تصور يحتاج على نقاش ومراجعة كما سيأتي تقريره.

ولقد كان نسخ هذه الأركان الثلاثة إحدى نتائج تحقيقاتي منذ سنة 2000 م بل يلزم عوضها الأداء المتصل بشرطه وتحريره من القياس، ذلك أن القراءات ورواياتها منذ عصور التدوين في القرن الثالث الهجري إلى يومنا هذا ليست كل واحدة منها هكذا أنزلت من عند الله إذ ليست كل رواية منها قرأ بها النبي ? أو قرأ بها أحد من الصحابة وإذن فلماذا لم ينسبها جميعها المصنفون إليهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير