تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[دراسة نقدية حول تاريخ علم القراءات وطرق تحريرها ج 1]

ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[04 Jun 2008, 12:38 ص]ـ

دراسة نقدية حول تاريخ علم القراءات وتحرير طرقها ج 1

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد:

فلعل من الإنصاف تقسيم تاريخ علم القراءات إلى ست طبقات:

الطبقة الأولى: الآخذون عن الصحابة بأداء المصاحف العثمانية.

الطبقة الثانية: القراء ورواتهم

الطبقة الثالثة: المصنفون من طرق الرواة طبقات جمعت أحرف الخلاف

الطبقة الرابعة: العصر الذهبي الشاطبي وابن الجزري

الطبقة الخامسة: ما بعد ابن الجزري إلى عصرنا الحاضر.

أما الصحابة الكرام العدول وهم الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه فلن نفرق بين الأداء الذي قرأوا به منذ نشأة المصاحف العثمانية وأقرأوا به تابعيهم وبين الأداء الذي تلقوه من النبي ? في العرضتين الأخيرتين، ولأن منهم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ومنهم الذين رضي الله عنهم إذ بايعوا النبي ? تحت الشجرة ولأن آخر ما نبتغي من الخير أن نصبح من التابعين لهم بإحسان أي من الذين جاءوا من بعدهم ويقولون كما في قوله ? ربنا اغفر لنا وإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ? الحشر 10.

ولنبدأ بدراسة الطبقات المتأخرة لأتناول الطبقة الخامسة قبل الرابعة تعدادا تنازليا لعله أقرب إلى البيان والشرح.

الطبقة الخامسة: ما بعد ابن الجزري إلى عصرنا الحاضر

تبدأ أولى مراحل التخصص في علم القراءات بعد حفظ القرآن وقراءته عرضا على الشيخ بدراسة رسم المصاحف العثمانية ليعلم ما اجتمعت عليه واختلفت فيه من الحذف والإثبات وزيادة حرف فأكثر وترك تلك الزيادة، فإذا علمه تجاوزه إلى دراسة وحفظ متن من متون القراءات كالشاطبية والطيبة ليضمن به ضبط ما لكل قارئ وراو في كل حرف من أحرف الخلاف المعلومة.

ولن تتأتى دراية رسم المصاحف وأحرف الخلاف لمن لم يتعلم من قبل من لسان العرب وقواعد النحو والصرف ما يؤهله للاستفادة والاستيعاب.

هذه المراحل الثلاث: مرحلة عرض القرآن ومرحلة دراسة رسم المصاحف ومرحلة حفظ ودراية متن من المتون في علم التجويد والقراءات هي أولى خطوات التخصص في علم القراءات.

وتأتي دراية واستحضار أحرف الخلاف وما لكل قارئ وراو فيها خطوة ثانية.

وتأتي دراية ما لطرق الرواة من الأوجه في أحرف الخلاف التي اختلف فيها عن الرواة خطوة ثالثة لن يقع الوصف بالتخصص في علم القراءات قبل استيعابها.

وكان استيعاب أوجه الخلاف عن الرواة ونسبتها إلى طرقهم هو تحرير طرق القراءات المتعارف عليه إلى يومنا هذا.

ولقد نبه ابن الجزري في النشر إلى مواطن متعددة تضمنها كل من حرز الأماني والتيسير ليست من طرق الكتابين المقروءة أي خرج فيها الداني عن طرق كتابه التيسير المقروءة وخرج فيها الشاطبي عن طرق كتابه حرز الأماني المقروءة أي هي من الفوائد لزيادة العلم.

مواطن حققها المحقق ابن الجزري، يؤدي تتبعها من النشر ومن التيسير والحرز أو غيرهما إلى أن ابن الجزري قد اعتمد لطرق الكتاب على الأداء المتصل إلى الراوي والقارئ الذي قرأ به المصنف كالداني والشاطبي مثلا، لا على التحديث بأحرف الخلاف.

تلك المنهجية حمل لواءها المحقق ابن الجزري في نشره وفي كتابه منجد المقرئين، ولم تتضمن طيبة النشر من أحرف الخلاف أو من الأداء ما تخلف أو شذ عنها من طرق النشر الكثيرة إلا ما أحرف يسيرة خرج فيها ابن الجزري عن طرق كتابه الطيبة بينتها ما استطعت في كتابي "غاية البشر في تحرير طرق طيبة النشر والتحبير والحرز والتيسير".

وكان الضابط الأول هو الأداء الذي تلقى عن شيوخه إلى الرواة المثبتة أسانيده بالقراءة عرضا إليهم في النشر (1/ 99) إلى (1/ 190)

وكان ذلك الأداء هو طرق النشر والطيبة المقروءة دون سائر الأداء وأحرف الخلاف الذي تضمنته أمهات النشر المبينة في (1/ 58) إلى (1/ 98)

وأهل التخصص في هذا العصر صنفان:

1. صنف كالفروعيين لا يعلمون من الطيبة أو الشاطبية أو الدرة إلا أماني أي حفظوها وقرأوا بما فيها من غير تتبع لتحرير طرقها.

2. وصنف ثان تمسكوا بمنهج ابن الجزري في التحقيق والتحرير ولم يقصروا عن مدرسته وهم اليوم أقل، وأقل منهم من يفقه عنهم ما هم عليه، ولكن ـ المخففة ـ المثبطون واللاغون في جهودهم هم السواد الأعظم وأصحاب العمائم والمشبعون زورا بما لم يعلموا من التخصص في علم القراءات.

ولأني واحد من هذه الطبقة المعاصرة فقد تعلمت من تحرير طرق القراءات ابتداء لأجل تنقية الطيبة مما خرج فيه ابن الجزري عن طرقه، ولأجل تنقية كل من الحرز والتيسير مما خرجا فيه عن طرقهما ولا يكاد ابن الجزري فمن جاء بعده من أئمة القراءات قد أبقوا منه شيئا إلا زيادة بيان وتتبعا وإيضاحا.

ولكن بعد عشرين سنة من الدراسة الميدانية في تحرير طرق القراءات تبينت والله أعلم بالصواب وبالقصد أن علم القراءات اليوم أحوج إلى تحرير القراءات نفسها قبل تحرير طرق القراءات.

إن تحرير القراءات السبع والعشر وغيرها ليؤدي إلى الهدفين الساميين التاليين:

1. تساقط القياس وطرحه

2. استعادة الأداء الذي قرأ به التابعون الذين تلقوا القرآن من الصحابة الذين رافقوا أداء المصاحف العثمانية

ومن عجائب معجزة حفظ القرآن أن الأداء الذي قرأ به الصحابة بعد ظهور المصاحف العثمانية وأقرأوا به تابعيهم هو مما تضمنته القراءات العشر المعلومة اليوم وزادت عليه من القياس واللهجات ما شاء الله كما سيأتي بيانه في دراسة الطبقة الثالثة المصنفون من طرق الرواة طبقات جمعت أحرف الخلاف.

يتواصل

الحسن محمد ماديك

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير