[مصحف الستين .. لماذا هذا الإهمال]
ـ[محمد الأمين بن محمد المختار]ــــــــ[27 Jan 2008, 04:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الإخوة القراء " القراء "، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نلاحظ جميعا تعدد أنواع المصاحف وتسمياتها المختلفة في عصرنا الحاضر، سواء منها المكتوب أو المسموع، وإن كان لهذا التعدد والتنوع في بعض الأحيان أغراض ترويجية ربحية فإن له أيضا في أحيان أخرى فوائد لا تنكر،
إلا أن الذي جر هذا الحديث الآن هو للأسف من ذلك النوع الأول الذي يبدو أنه لم يرد به إلا لفت انتباه رواد المكتبات والمهتمين بالقرآن الكريم
هذا المصحف المعنون بـ " المصحف المرتل 60 قارئ "، وهو من إنتاج " شركة فرسان الخليج " لفت انتباهي لدى مكتبة دبي للتوزيع، وللوهلة الأولى ظننته يشتمل على ستين ختمة، ولكني سرعان ما خاب ظني ذلك حينما سألت صاحب المكتبة، وعلى كل حال فقد أخذته معي لأنه يهمني، وعندما تصفحته اتضح لي أنه ختمة مؤلفة من ستين قارئا مسحوبة من موقع ( islamweb.net ) ، ووجدت أنه من الواجب التنبيه على ما فيه من تجاوزات والتحذير عنها نصيحة لكتاب الله تعالى وللمسلمين، وهي ملاحظات موجهة لنا جميعا نحن المهتمين بالقرآن في هذا الزمان عموما وموجهة خصوصا إلى أصحاب شركات الإنتاج الإسلامية وبالأخص " شركة فرسان الخليج"، ومن وراء ذلك إلى الموقع المذكور لأنه موقع رسمي تابع للحكومة القطرية، ويجب على أصحابه أن يكونوا أكثر حرصا وعناية من أصحاب المكتبات والشركات، مع العلم أن أصحاب الموقع لا يتحملون المسؤولية في جميع التجاوزات
لقد وجت في هذا "المصحف" الكثير من الملاحظات التي لا يمكن السكوت عليها:
1. الكثير من السور مقتطعة من أواخرها بسقوط جزء من الآية؛ وهي: " سورة طه ": توقف القارئ عند ( ... الصراط السويْ ... )، في " سورة السجدة ": توقف القارئ عند (وانتظر إنهم منتظرو .. ) دون النون، في " سورة سبأ ": ( ... في شك مريـ ... ) بدون الباء، في " سورة الزمر ": ( ... وقيل الحمد للـ ... )، في " سورة الطلاق ": ( ... يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالديـ ... )، وفي " سورة الحشر " تأتي البسملة مقتطعة من أولها.
2. لا يوجد في العنوان ما يدل على القراءة التي يتضمنها " المصحف "، والمتعارف في مثل هذه الحال أن تكون قراءة عاصم من رواية حفص لأنها المنتشرة والغالبة، ولكن الواقع أن أكثر التلاوات برواية حفص، إلا أن هناك رواية ورش عن نافع " سورتي النحل وفاطر "، وهناك قراءة ابن كثير بجمع راوييه " سورة يس "، وهناك رواية قالون عن نافع " سورة الطور "، وهناك قراءة يعقوب بجمع راوييه " سورة القمر "، فاجتمع في هذا " المصحف ثلاث " قراءات ورواية، ولا يخفى ما في ذلك من مخاطر التدليس بتركيب القراءات من دون توضيح ولا تنبيه، خصوصا فيما لو اقتناه مستمع عادي – وذلك المتوقع – فسوف ينكر ما يسمع من أوجه قراءة لم يألفها فيظن ذلك أخطاء في مصحف حفص
3. في تلاوات حفص – وهي الغالبية – تم الجمع بين من يقرأون بقصر المنفصل ومن يقرأون بالتوسط، وهو أمر محذور لدى المتخصصين، ومهما قيل من الخلاف في التركيب فيبقى على الأقل وجوب المحافظة على نسق معين مادام المصحف واحدا، وقد كان بإمكان مبدعي هذه الفكرة أن يجمعوا مصحفا من قراء القصر، أو من قراء التوسط
وهذه بعض الملاحظات التي تأتي دون السابقة في الأهمية، غير أنها مهمة في حد ذاتها من أجل إخراج المصحف في أحسن حلة وما ذلك بشيء مستكثر في حق القرآن العظيم:
1. بعض القراءات لا تستوفي شروط التلاوة وأحكام التجويد، ومهما كانت مكانة أصحابها وفضلهم فلا ينبغي أن تصنف كمصاحف لأن المصحف يحتاج الكثير من التدقيق والتطبيق للأحكام كاملة غير منقوصة، وأعني بهؤلاء القراء قراء التراويح؛ وأعتقد أن لهم عذرهم حيث إنهم يقرأون في أثناء الصلاة قياما أمام حشود من الناس في جو من الخشوع والتدبر مع شعور بالمسؤولية عن المأمومين، فتجد الواحد منهم قد يقصر مدا أو يطيل آخر أو يتلعثم في إخراج حرف، ولو كان جالسا في " استديو " هادئ وأمامه لجنة مراقبة ويشعر بالراحة لكان أداؤه للأحكام سليما، ولئن كان للقراء عذرهم فاللوم على من يأخذون هذه التلاوات فيعتبرونها مصاحف، ويكفيني هنا أن أنبه إلى مثال واحد في تلاوات التراويح لا شك أن الجميع قد لاحظوه، أعني به حالة وقف القارئ قبل الركوع فإذا وقف على مد مثل " يعلمون " تجده يمده حتى يتجاوز الإشباع أحيانا ليعطي للمأمومين شعورا باكتمال القيام، رغم أنه قد يكون في أثناء تلاوته يقصر عند الوقف، ولئن كان لهذا النوع من المد وجه فلا وجه لمد الألف في نحو " عليما " عند الوقف كما يفعله بعضهم أيضا. وأعتقد أن هذه الملاحظة تتجاوز هذا " المصحف" في حد ذاته ولكن لا بد من ذكرها على كل حال، وسنعود إليها فيما بعد بالتفصيل إن يسر الله
2. في بعض السور زيادة الاستعاذة مثل الأعراف وفصلت، وفي سورة هود بعد ختام السورة جاء تعليق الشركة المنتجة "الأولى " وهو تعليق طويل يتضمن عنوانها، وبعد ذلك بقيت أربعون دقيقة فارغة، وكل ذلك لا يصلح في مصحف مجموع
3. في تلاوات السديس والشريم يتم الخلط دائما، فتجد السورة باسم السديس فإذا فتحتها وجدت الشريم هو البادئ فيها إلى وسطها أو أبعد مثل المائدة، فهي باسم السديس وأكثر القراءة للشريم، وبالعكس سورة الزمر فهي باسم الشريم وأكثر التلاوة للسديس
4. تم تكرار سورة الصافات بقراءة عبد الخالق علي بقصر المنفصل وماهر العقيلي بقصر المنفصل،
هذا ولا أزعم أنني قد استمعت للمصحف بكامله كما أني لم أرد إلا أن يكون هذا أنموذجا للتنبيه على غيره، وتوضيحا لخطورة الأمر ووجوب تداركه ووجوب مراقبة المصاحف من قبل هيئات مختصة تجيز ما هو سليم وتصحح ما فيه ملاحظات، وقد رأينا في الآونة الآخرة ما جرته المصاحف الألكترونية من مشاكل للباحثين الذين لا يحفظون القرآن العظيم
وأرجو التعليق بما لديكم من ملاحظات وتصويبات فما كان من نقص كملوه ومن خطأ أصلحوه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
¥