نجد الجواب في تضاعيف تحقيقه. ففي هامش 35 من صفحة 13، يقول عن هذه الرسالة أن د. الضامن نشرها منقوصة غير كاملة في مجلة مجمع اللغة العربية الأردني ع 48، 1415هـ. قال:"وبلغني أن الكتاب طبع كاملا في بيروت ولمّا أقف عليه".
ثم قال د. توفيق إنه وقف على نسخة ثانية هي النسخة التيمورية بدار الكتب والوثائق المصرية وهي تحمل رقم: 397
فالدكتور حاتم الضامن: اعتمد نسخة واحدة: نسخة تِشْسْتَرْبِيتيِ بدُبِلن (إرْلَنْدا) رقم 3925
ود. توفيق العبقري: اعتمد نسختيْن: الأولى هي المشار إليها أعلاه، والثانية هي النسخة التيمورية بدار الكتب والوثائق المصرية رقمها (397)، ضمن مجموع يضم ست رسائل أغلبها للإمام ابن الطحان.
ويُستفاد من هذا وجود مُبَرِّرات ثلاثة لإعادة تحقيق هذه الرسالة:
المبرِّرُ الأول: أن النشرة الأولى للرسالة سنة 1995م في مجلة مجمع اللغة العربية الأردني ع 48، 1415هـ (والتي يقول د. توفيق إنه اطلع عليها)؛ جاءت ناقصة غير كاملة؛ إذ أن د. الضامن ترك من نص الرسالة فصلا في القسم الأخير منها، وعنوانه:" فصل في حدود الحركات والسكون"، ولم يذكر المحقق لِمَ فعل ذلك، إلاّ أنه أضاف ذلك الفصل الناقص إلى هذه الطبعة الأخيرة (2007م)، ولا أدري إن كان أضافه إلى الطبعتين السابقتين.
والمُبرِّر الثاني: أن د. توفيق عثر على نسخة ثانية للرسالة تعين على تحقيقها عن طريق المقابلة. ورأينا أن هذا السبب كان وراء إعادة د. الضامن لتحقيق رسالة "مخارج الحروف وصفاتها" التي سبق للدكتور تركستاني أن حققها.
هل اقترف د. توفيق ذنبا حين عثر على نسخة ثانية فأعاد تحقيق الرسالة، فأراد أن يُتمِّمَ ما نقَص منها، وأن يُقدمها بصورة مغايرة لما فعله د. الضامن؟ هل يكون السبق مدعاة لرَمْيِ أحد بالسطو.
سيشهد التاريخ للدكتور الضامن أن كان أول مَن نشر هذه الرسالة، ولكن هل سيشهد له التاريخ بالتحقيق لها، كما هو مقرر لدى أهل التحقيق؟ يُلجأ في الحكم هنا إلى مَن يُحقّون الحق في التحقيق؛ والذين هم أقدر على استنباط الدليل من مجهود مَن يُعيد التحقيق، وما تُقدِّمُه النسخة الثانية من إضافات جديرة بالتقدير.
المُبرٍّر الثالث: أن د. الضامن نشر الرسالة بعنوان:" مرشد القارئ إلى معالم المقارئ". وهذا تغيير لعنوان الرسالة؛ فعنوانها الحقيقي، كما سنرى، هو " مقدمة في أصول القراءات".
رابعا: مع عنوان الرسالة وعمل المحقق فيها:
(1) نجد عنوان الرسالة عند د. حاتم الضامن هكذا "مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المَقارئ" لابن الطحان السُّماتي المتوفى سنة 561هـ، تحقيق: الأستاذ الدكتور: حاتم صالح الضامن.
(2) والعنوان عند د. توفيق العبقري هكذا: "مقدمة في أصول القراءات من كتاب مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ" للإمام المقرئ أبي الأصبغ عبد العزيز بن علي السُّماتيّ الإشبيليِّ، الشهير بان الطحّان ت 561 هجرية: قراءة وتعليق: الدكتور توفيق أحمد العبقري، القاهرة، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، ط1، 2004
لعلّ أول ما يشُدُّ انتباه المحقق، في العادة، عنوانَُ المخطوط، ومدى صحته وانطباقه على موضوعه، وهذه أول مسألة في سُلّم الأمانة العلمية تُواجَهُ في التحقيق. والملاحظ أن د. الضامن أخل بهذه المسألة، وبدل أن يضع " مقدمة في أصول القراءات" عنواناً للرسالة، وهو العنوان الثابت والصحيح للرسالة؛ نجده ينشرها بعنوان" كتاب مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ"، والرسالة، في حقيقتها، عبارة عن قسم من محتويات كتاب مرشد القارئ هذا. ويُمكن أن يُوجَّهُ السؤال التالي إلى فضيلة الدكتور الضامن: متى يجوز للمحقق أن يضع عنوانا للمخطوط بخلاف ما هو عليه في واقعه، وبخلاف حقيقته التاريخية؟ أم يجوز ذلك إذا كان المحقق في حجم الدكتور حاتم صالح الضامن؟
(3) ويُلاحظ ثانيا أن د. الضامن اعتبر عمله تحقيقا، أما د. توفيق فقد اعتبره قراءةً وتعليقاً. وبالفحص يتبيّن من خلال دراسة د. توفيق للرسالة في مقدمته، ومن خلال تعليقاته الضافية التي جاءت بمثابة شروح؛ كان عمله قراءةً وتعليقاً، كما سنرى.
خامسا: مع مقدمة التحقيقين: مع مؤلِّف الرسالة
ويمكن استجلاء الفروق بين مقدمتيْ التحقيقيْن في الإشارات التالية:
¥