تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويبدوا أن السبب في هذا: إنهم قرؤوا نصوصا تصف المشدد بأنه عبارة عن ساكن ومتحرك، فلم ينتبهوا أن هذا الكلام إنما هو عن أصل المشدد لا عن كيفية نطقه، لأن المجمع عليه أن المشدد عبارة عن حرفين ساكن ومتحرك، قال في التمهيد "اعلم أن المشدد في القرآن كثير، وكل حرف مشدد بمنزلة حرفين في الوزن واللفظ، الأول منهما ساكن والثاني متحرك) ا. هـ

ولكن هناك نصوص توهم أن النطق بالمشدد النطق بحرفين.وإليك بعضها من كتاب الدرسات الصوتية عند علماء التجويد" صـ 396/ 397 د/ غانم قدوري

قال طاش كبري زادة: ... وإذا أصغيت إلي لفظ سمعته ساكنا مشددا ينتهي إلي محرك مخفف "

وقال أبو الفتوح الوفائي: الناطق بالحرف المدغم ناطق بحرفين أولهما ساكن والثاني متحرك " ثم قال:"والصحيح أن الحرفين ملفوظ بهما"الجواهر المضية)) ا. هـ

فهذه النصوص جعلت البعض يذهب لمذهب النطق بالمشدد بحرفين.

وهناك نصوص واضحة تؤكد أن المشدد حكمه حكم الحرف الواحد:

قال سيبويه "الكتاب"ص1/ 358 (والإدغام إنما يدخل فيه الأول في الآخر والآخر على حاله، ويقلب الأول فيدخل في الآخر حتى يصير هو والآخر من موضع واحد،) ا. هـ

قال المبرد في كتابه "المقتضب": فإن أردت الإدغام أسكنت الأول، وإنما تفعل ذلك استخفاف، لترفع لسانك رفعةً واحدة.) 1/ 46

قال الداني في التحديد: ( ... وأما المدغم من الحروف فحقه إذا التقي بمثله أو مقاربه وهو ساكن أن يدخل فيه إدخالا شديدا فيرتفع اللسان بالحرفين ارتفاعة واحدة، فيصير بتداخلهما كحرف واحد لا مهلة بين بعضه وبعضه، ويشد الحرف ويلزم اللسان موضعا واحدا غير أن احتباسه في موضع الحرف لما زيد فيه من التضعيف أكثر من احتباسه فيه بالحرف الواحد)) ا. هـ صـ99

فنصوص الأئمة واضحة وجلية في عدم الفصل بين المشدد أي بين بعضه وبعضة كما وضَّح الداني ـ رحمه الله ـ.

وممن رجحوا القول بالفصل في الحرف المشدد فضيلة د/ إيهاب فكري في كتابه "أجوبة القراء الفضلاء " في جوابه علي الوقوف علي كلمة "مرَّة" للكسائي فقال: هو أنني سألت ثلاثة من مشايخي عن هذه المسألة فأجاب اثنان منهم: أن الإمالة تكون في الراء الثانية فقط، أما الراء الأولي فلا يدخلها إمالة ولا ترقيق، وأجاب الثالث: أن الرائين يدخلهما الإمالة وقفا وبالتالي يدخلهما الترقيق وتصبح الراء الأولي مرققة.

والصواب من الرأيين هو: الرأي الأول، لأنه المعروف في الوقف علي كل من حروف الاستعلاء للكسائي وحمزة، فإننا إذا وقفنا علي نحو: "الحاقة" و"الصاخة" حيث القاف والخاء فيهما مشددتان فإننا علي وجه الإمالة نميل القاف والخاء الثانية، ولا تدخل الإمالة علي القاف والخاء الأولي باتفاق، فيكون هذا هو الحكم في الراء المشددة.) ا. هـ ص97

الجواب: بداية لست أدري من أين جاء بكلمة "المعروف" في نحو: الصاخة والحاقة عند قراءته للكسائي؟ فالمعروف عند مشاهير القراء غير ما ذهب إليه، وما قاله مردود نقلا وعقلا.

أما النقل: قد سبق نص الداني في التحديد: ( ... وأما المدغم ..... فيصير بتداخلهما كحرف واحد لا مهلة بين بعضه وبعضه، ويشد الحرف ويلزم اللسان موضعا واحدا غير أن احتباسه في موضع الحرف لما زيد فيه من التضعيف أكثر من احتباسه فيه بالحرف الواحد)) ا. هـ صـ99

فقوله: "كحرف واحد لا مهلة بين بعضه وبعضه، ويشد الحرف" يدل علي عدم الفصل بينهما بحال من الأحوال.

وما قاله ابن الجزري في النشر فيه القول الفصل وهو قول واضح يصعب أن تجد أوضح منه من أقوال القدامي قال: وذهب الجمهور إلى التفصيل فاستثنوا ما كان بعد ساكن صحيح مظهر وهو الكلمات الست (ذكرا وسترا) وأخواته ولم يستثنوا المدغم وهو: سراً ومستقراً. من حيث إن الحرفين في الإدغام كحرف واحد إذ اللسان يرتفع بهما ارتفاعة واحدة من غير مهلة ولا فرجة فكأن الكسرة قد وليت الراء في ذلك وهذا مذهب الحافظ أبي عمرو الداني وشيخيه أبي الفتح والخاقاني وبه قرأ عليهما ... )) ا. هـ 2/ 162

وانظر لقوله " .... فكأن الكسرة قد وليت الراء في ذلك " أي أن الساكن المدغم ليس له تأثير بين الحرف المدغم فيه والكسرة السابقة للحرف، ولو كان ذا تأثير لفصل بين الكسرة والحرف المدغم فيه، ووضح خلافه في قول ابن الجزري.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير