تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال الزرقاني في مناهل العرفان: وقد يناقش هذا بأنها لو تواترت جميعا ما اختلف القراء في شيء منها لكنهم اختلفوا في أشياء منها فإذاً لا يسلم أن تكون كلها متواترة. ويجاب عن هذا بأن الخلاف لا ينفي التواتر بل الكل متواتر وهم فيه مختلفون فإن كل حرف من الحروف السبعة التي نزل بها القرآن بلغه الرسول إلى جماعة يؤمن تواطؤهم على الكذب حفظا لهذا الكتاب وهم بلغوه إلى أمثالهم وهكذا ... ولا شك أن الحروف يخالف بعضها بعضا فلا جرم تواتر كل حرف عند من أخذ به وإن كان الآخر لم يعرفه ولم يأخذ به وهنا يجتمع التخالف والتواتر وهنا يستقيم القول بتواتر القراءات السبع بل القراءات العشر كما يأتي ويذهب ابن الحاجب إلى تواتر القراءات السبع غير أنه يستثني منها ما كان من قبيل الأداء كالمد والإمالة وتخفيف الهمزة قال البناني على جمع الجوامع: وكأن وجه ذلك أن ما كان من قبيل الأداء بأن كان هيئة للفظ يتحقق اللفظ بدونها كزيادة المد على أصله وما بعده من الأمثلة وما كان من هذا القبيل لا يضبطه السماع عادة لأنه يقبل الزيادة والنقصان بل هو أمر اجتهادي. وقد شرطوا في التواتر ألا يكون في الأصل عن اجتهاد فإن قيل قد يتصور الضبط في الطبقة الأولى للعلم بضبطها ما سمعته منه على الوجه الذي صدر منه من غير تفاوت بسبب تكرر عرضها ما سمعته منه قلنا: إن سلم وقوع ذلك لم يفد إذ لا يأتي نظيره في بقية الطبقات فإن الطبقة الأولى لا تقدر عادة على القطع بأن ما تلقته الثانية جار على الوجه الذي نطق به النبي. وبما تقرر علم أن الكلام فيما زاد على أصل المد وما بعده لا في الأصل فإنه متواتر الحاصل أنه إن أريد بتواتر ما كان من قبيل الأداء تواتره باعتبار أصله كأن يراد تواتر المد من غير نظر لمقداره وتواتر الإمالة كذلك فالوجه خلاف ما قال ابن الحاجب للعلم بتواتر ذلك وإن أريد تواتر الخصوصيات الزائدة على الأصل فالوجه ما قاله ابن الحاجب قاله ابن قاسم ا هـ بقليل من التصرف لكننا إذا رجعنا لعبارة ابن الحاجب نجدها كما يقول في مختصر الأصول له: القراءات السبع متواترة فيما ليس من قبيل الأداء كالمد والإمالة وتخفيف الهمزة ونحوه ا هـ وهذا زعم صريح منه بأن المد والإمالة وتخفيف الهمزة ونحوها من قبيل الأداء وأنها غير متواترة وهذا غير صحيح كما يأتيك نبؤه في مناقشة ابن الجزري له طويلا يذهب أبو شامة إلى أن القراءات السبع متواترة فيما اتفقت الطرق على نقله عن القراء. أما ما اختلفت الطرق في نقله عنهم فليس بمتواتر سواء أكان الاختلاف في أداء الكلمة كما ذهب ابن الحاجب أم في لفظها فالاستثناء هنا أعم مما استثناه ابن الحاجب وعبارة أبي شامة في كتابه المرشد الوجيز نصها ما يأتي ما شاع على ألسنة جماعة من متأخري المقرئين وغيرهم من أن القراءات السبع متواترة ونقول به فيما اتفقت الطرق على نقله عن القراء السبعة دون ما اختلفت فيه بمعنى أنه نفيت نسبته إليهم في بعض الطرق وذلك موجود في كتب القراءات لا سيما كتب المغاربة والمشارقة فبينهما تباين في مواضع كثيرة والحاصل أنا لا نلتزم التواتر في جميع الألفاظ المختلف فيها بين القراء أي بل منها المتواتر وهو ما اتفقت الطرق على نقله عنهم وغير المتواتر وهو ما اختلفت فيه بالمعنى السابق وهذا بظاهره يتناول ما ليس من قبيل الأداء وما هو من قبيله اهـ نقلا عن الجلال المحلي في شرح جمع الجوامع بتذييل منه ورأي أبو شامة هذا كنت أقول في الطبعة الأولى إنه أمثل الآراء فيما أرى وذلك لأمور أربعة أولها: أنه رأي سليم من التوهينات التي نوقشت بها الآراء السابقة ثانيها: أنه يستند إلى الواقع في دعواه وفي دليله ذلك أن القراءات السبع وقع اختلاف بعضها حقيقة في النطق بألفاظ الكلمات تارة وبأداء تلك الألفاظ تارة أخرى ومن هنا كانت الدعوى مطابقة للواقع ثم إن دليله يقوم على الواقع أيضا في أن بعض الروايات مضطربة في نسبتها إلى الأئمة القراء فبعضهم نفاها وبعضهم أثبتها وذلك أمارة انتفاء التواتر لأن الاتفاق في كل طبقة من الجماعة الذين يؤمن تواطؤهم على الكذب لازم من لوازم التواتر وقد انتفى هذا الاتفاق هنا فينتفي التواتر لما هو معلوم من أنه كلما انتفى اللازم انتفى الملزوم ثالثها: أن هذا الرأي صادر عن إخصائي متمهر في القراءات وعلوم القرآن وهو أبو شامة وصاحب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير