تاسعا: أن الطيبة ألفها ابن الجزري سنة تسع وتسعون وسبعمائة 799هـ، والدرة نظمها ابن الجزري بعد ثمان مائة وعشرون أثناء سيره للحج عندما سرق متاعه في الطريق والقصة مشهورة عن ابن الجزري [2] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=64415#_ftn2) ، والله يعلم أنني لم أقل ذلك تعصبا لابن الجزري لكنه انطلاقا من أن المسلم أسير الدليل، إذا وصل إليه دليل اتبعه. وسبب إطالة القول في هذه المسألة أنها شغلت الجميع في جميع الأقطار [3] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=64415#_ftn3).
القول الثاني: الأخذ لإدريس بالسكت من طريق الدرة المضية وزعيم هذا المذهب العلامة شيخ المحققين محمد المتولى:
أولا: قول العلامة المتولي في الروض النضير ص 494:
قال رحمه الله:
... فعلم من هذا أنه في التحبير والدرة أخذ طريق المطوعي من كتاب المبهج لسبط الخياط، وطريق القطيعي من كتاب الكفاية له أيضا.
وفي باب السكت من النشر: قال (أي ابن الجزري رحمه الله) وروى عنه (أي إدريس) المطوعي السكت على ما كان من كلمة وكلمتين عموما نص عليه في المبهج.
فظهر من هذا أن عدم ذكره السكت في الدرة والتحبير لا وجه له ... انتهى.
ثانيا: قول العلامة الضباع رحمه الله في البهجة المرضية شرح الدرة المضية:
قال رحمه الله:
... ، وقرأ أيضا (أي خلف) بترك السكت على الساكن قبل الهمز مطلقا.
وهذا اقتصار من الناظم رحمه الله تعالى على إحدى طريقي نظمه عن إدريس عن خلف وهي طريق القطيعي عنه وهو لا يمنع من الأخذ بطريقة الثانية وهي طريق المطوعي عنه فعنه، ومذهبه السكت على الساكن قبل الهمز فيما كان من كلمة أو كلمتين، ولم يكن مدا نحو (قرآن)، و (الأنهار)، و (شيء)، و (من آمن)، و (خلوا إلى)، و (كل آمن)، ولا يقدح في ذلك عدم ذكره في التحبير فقد ذكره في النشر وعلى الأخذ بالوجهين جرى عملنا، وبالله التوفيق. انتهى.
ثالثا: قول العلامة الضباع رحمه الله في الإضاءة في بيان أصول القراءة:
قال: وقرأ (أي خلف) من رواية إدريس من طريق المطوعي عنه بالسكت على الساكن غير المدي إذا وقع بعد همز من كلمة أو من كلمتين، نحو الأنهار، الآخرة،يسئمون، من آمن، قد أفلح. انتهى
رابعا: قول الشيخ عبد الرازق موسى في كتابه تأملات حول تحريرات العلماء للقراءات المتواترة:
قال حفظه الله:
المسألة الثالثة: تتعلق بقول ابن الجزري في الدرة في باب النقل " والسكت أهملا "ومعناه: أن خلفا في اختياره أهمل السكت من طريق الدرة والتحبير خلافا لروايته عن حمزة، وجميع شراح الدرة القدامى فسروا النظم على ظاهره بدون تحقيق لطرق الرواية الصحيحة كما فعلوا في المسألة الأولى، حتى جاء ابن الجزري الصغير، وخاتمة المحققين، محمد المتولي وأثبت في الروض النضير (مخطوط) ما معناه: أن ابن الجزري لا وجه له في منعه السكت، لأنه ذكر في التحبير أن المطوعي من كتاب المبهج طريق إدريس في الدرة، وذكر في النشر أن المطوعي من كتاب المبهج له السكت من الدرة، وتبعه تاج القراء علي الضباع في شرحه على الدرة قائلا: أن إهمال ابن الجزري السكت لإدريس اقتصار منه على إحدى طريقي إدريس، وهي القطيعي، ولا مانع أن نأخذ بالسكت من طريق المطوعي وهو الثاني في التحبير، ولا يقدح في ذلك عدم ذكره في التحبير فقد ذكره في النشر، أقول: لأن طريق الشاطبية والدرة من جملة طرق النشر فذكره في النشر كأنه مذكور في التحبير مادام طريقهما واحد، ومن قرأ بمضمن النشر فكأنه قرأ الشاطبية والدرة والطيبة جميعا، كما سبق بيانه. فقوله " والسكت أهملا " مخالف لما في النشر والتحبير، هذا وقد وافق القراء جميعا المتولي والضباع في تحقيقهما لهذه الرواية، وألفوا في ذلك كتبا نظما ونثرا منهم الشيخ همام قطب والشيخ على سبيع وغيرهما، وهذا مما لا ينكره أحد.
وهناك من ترك الإقراء بهذه الرواية ظنا منه أنه كان مخطئا حينما كان يقرئ بهما متمسكا بدليل لا أساس له من الصحة، وسنذكر أدلتهما ونبين عدم صحتها ليتبين للقارئ صحة هذه الرواية، وجواز القراءة بها للمنتهى، وضرورة الإتيان بها عند إقراء الغير، فأقول وبالله التوفيق.
¥