تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أقول: فإذا كان إمام الفن يثبت أن لخلف في اختياره التوسط، فهل يمنعه هؤلاء المعاصرون بدون دليل، على أن الإشباع في المتصل من الطيبة لغير ورش وحمزة والنقاش، مذهب اختياري، بدليل قول ابن الجزري في الطيبة: (أو اشبع ما أتصل للكل عن بعض) فكيف نحوله إلى مذهب إجباري ولم نقرأ به جميعا على شيخنا أحمد الزيات، ولم يثبته في شرح التحريرات له، كما لم يثبته شيخ شيخه الشيخ المتولي في الروض النضير.

ثالثا: الحافظ ابن الجزري قال: بعد أن ذكر نصوص العلماء في المد المتصل (ما من مرتبة ذكرت لشخص من القراء إلا وذكر له ما يليها) ويوضحها شيخنا أحمد الزيات بقوله (كل كتاب ذكر فيه الإشباع في المتصل فقد ذكر فيه التوسط).

رابعا: الشيخ عبد الله بن يوسف أفندي زاده، شيخ القراء في الدولة العثمانية، له رسالة في بيان مراتب المدود للقراء العشرة مطبوعة في تركيا، أثبت فيها التوسط في المتصل لخلف في اختياره من المبهج، كما أثبت له الإشباع فيه من عند البعض ويوجد منها بمكتبتنا نسخة مخطوطة بخط العالم المحقق الشيخ مصطفى الطباخ محرر الطيبة المشهور.

خامسا: خاتمة المحققين الشيخ محمد المتولي، وتاج القراء الشيخ علي محمد الضباع (وناهيك بهما) لم يربطا السكت لإدريس بالإشباع في المتصل عند تحقيقهما لهذه المسألة، لعلمهما أن في المبهج توسطا أيضا كما تبين لنا بعد الرجوع إليه ولا عبرة بمن نسبه ذلك إلى المتولي في الروض النضير لأنه تقول عليه مخلف للحقيقة.

هذا أدلتنا ومرجعنا التي تثبت التوسط في المبهج، وذهب إليه المحققون مثل المتولي والضباع وغير هما.

وقل أن نجد في هذا العصر مثلما في التحقيق والإتقان واستخراج المساءل من مراجعها، مع صحة العزو إلى الطرق، ومن بين هؤلاء القلائل شيخنا أحمد الزيات الذي يلتزم في إقرائه للشاطبية والدرة والطيبة بالتحرير أطال الله عمره.

والخلاصة: أن رواية السكت لإدريس من الدرة جائزة بالنسبة للقارئ المنتهي، أما الطالب فحكم القراءة بها وتعليمها له، كحكم صلة ميم الجمع وسكونها لقالون وقصر المفصل وتوسطه له من طريق الشاطبية، ولم نسمع أحدا ترك شيئا من ذلك أثناء التلقي من طريق الشاطبية، فالإتيان بالسكت ملزم ولابد أن يقرأ به الطالب، فكما أن الأستاذ يعلم جواز هذه الرواية ولا دليل لديه على منعها فالأمانة العلمية تحتم عليه أن يعلم الطلاب جواز القراءة بها كما تعلم هو. وذلك بأن يقرأ بها الطالب أثناء التلقي أمام الشيخ، وإلا تعتبر قراءته ناقصة، وفيها خلل في الرواية ولا يستحق أن يجاز عليها، كما سنبينه في الفرق بين القراءة والرواية والطريق بالإضافة إلى أن التهاون في ترك تعليم رواية جائزة يؤدي إلى إهمال غيرها واحدة تلو الأخرى، وهذا أمر غاية في الخطورة لأنه يؤدي إلى انقطاع إسناد القراءات التي حرص عليها سلفنا الصالح، ونحن قد قرأنا بها وسندنا جميعا متصل بالمتولي، والقراءة سنة متبعة، ولا منع إلا بنص علمي يبطل ما حققه المتولي وغيره. ومن لم يتلقها عن شيخه عليه أن يعمل بالصواب. فإن قيل: إن المتولي لم يذكره في الوجوه المسفرة، نقول: ذكره في الروض النضير وبرهن على صحته، ومعلوم أن الروض بعد الوجوه المسفرة ويعتبر موسوعة لكل المسائل العلمية التي حققها الشيخ يرحمه الله بخلاف الوجوه المسفرة فهو غاية في الاختصار.

فإن قيل: إن القراء في المغرب العربي يقرءون لقالون، بسكون ميم الجمع وقصر المنفصل فقط ولم يعترض عليهم أحد، فكذلك رواية سكت إدريس يجوز تركها.

نقول: إنهم يقرءون بمضمن نظم الدرر اللوامع في مقرأ الإمام نافع للشيخ أبي الحسن على الرباطي المعروف بابن بري ت 731هـ المسمى بالنجوم الطوالع للشيخ إبراهيم المارغني المتوفي سنه 1349هـ، وقد سلك فيه طريق الإمام أبي عمرو الداني دون غيره من الطرق. فلا يجوز لأحد أن يعترض عليهم لأنهم التزموا طريقا معينا ويعطون السند للطالب وفيه النص على هذا الطريق. ولكن لا يقال: إنها من طريق الشاطبية فلا وجه للاستدلال بهذا القول على ترك السكت لإدريس أثناء التلقي للطالب الذي يعطي إجازة بمضمن الدرة.

فإن قيل: نحن لم نقرأ به على شيخنا، ولا يجوز لنا أن نقرئ به. لأن القراءة سنة متبعة، بخلاف من قرأ به؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير