نعم، لقد ذكرتم كلام ابن الجزري في استثنائه لبعض القراء، لكنكم عبرتم عنه بما يفيد إهماله.
3) قلتم عن القياس: "تم به وأد القرآن كله الذي قرأ به أبي بن كعب وعلي بن أبي طالب .... " وصورتم منهجكم بأنه: "استعادة أداء الصحابة الكرام للقرآن عذبا وسلسلا .... " وكأنكم شيخي الكريم لا ترون هذا القرآن الذي بين أيدينا مرويا عن الصحابة الكرام ولا من أدائهم!!
أعلم انكم لا تقولون هذا ولا ترونه، لكن العبارة شديدة جدا.
4) قلتم عصمني الله وإياكم من الزلل: وبانقراض جيل الصحابة لم يعد في قبائل العرب من لا يستطيع غير تخفيف الهمزة أو غير الإدغام الكبير .... " أقول: هذه القضية تحتاج إلى بينة، من صحيح التاريخ، وإلا فإن المرأة والشيخ والصبي الذين يقرءون القرآن أبعد الناس عن الاحتكاك والمخالطة والجهاد، ولقد كانت العرب تعيش إلى عهد قريب قبائل قبائل محافظة على لهجاتها، وليس الأمر غريبا عليكم، وانظر إلى حالنا اليوم مع توفر وسائل الاتصال والاحتكاك فلا نكاد نفهم بعضنا مع أننا (عرب!!).
5) عبرتم عن عدم اعتباركم لشروط قبول القراءة الصحيحة بكلمة النسخ.
طيب! ثم قلتم بأن المعتبر عندكم هو الأداء المتصل بشرطه! وتحريره من القياس ... " فهذا أيضا كلام طيب، فهلا أوضحتم لنا شرط الاتصال عندكم.
أتريدون الرجوع إلى كلمة التواتر؟
أم تريدون حفظكم الله إلغاء شرط موافقة المصحف؟
أم غير ذلك؟ أرجو أن تبينوا.
6) شيخي الكريم: أحسن الله إليك.
قد ادعيتم على الأئمة العشرة وغيرهم شيئا لم يفعلوه ولم يقعوا فيه أبدا!! إذ نسبتم إليهم القياس وأتيتم بأدلة لا تقوم بها الحجة ولا تنهض لإثبات ذلك.
فإيرادكم الأثر عن أبي عمرو وأنه اختار قراءته بناء على مذهب العربية وما علم من لغة النبي صلى الله عليه وسلم وحكمتم على إثره عليه بأنه استغنى عن الرواية والتجأ إلى القياس على اللغة!!
فإيرادكم هذا وحكمكم فيه إجحاف في حق الرجل، والذي أفهمه أنا من النص الذي نقلتم واستحلفتم من أجل فهمه أهل الشأن ولستُ أنا منهم فالذي أفهمه أنه يختار ذلك من بين جميع مروياته التي رواها بسنده الصحيح.
فهو هنا يعد الرواية كعنصر أساس ويتبعها بعد ذلك اللغة وهي أساس معتبر في الاختيار.
ودليل قولي: ما رواه الأصمعي عنه أنه قال: لولا أنه ليس لي أن أقرأ إلا بما قرأت لقرأت حرف كذا وكذا كذا وكذا." أو كما قال فإني لا أروي إلا من ذاكرتي والله المستعان، إذن فهو من أول من أنكر القياس.
أما حمزة رحمه الله فهو أشهر الناس بالورع فما كان ليترك الورع في المباح ليفعل ما هو حرام عند أئمة السلف ألا وهو الزيادة في كتاب الله تعالى.
قال سفيان الثوري: ما قرأ حمزة حرفا إلا بأثر.
وقال هو عن نفسه: لو شئت أن أروي في كل حرف حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لفعلت.
أما الكسائي فلن يعدو فعل صاحبيه من القراءة بالآثار وذلك الظن به رضي الله عنه.
وهو الأولى بنا أن نظن بهم الخير جميعا كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عند تفسيره لقوله تعالى (إن هذا لساحران) في تفسير آيات أشكلت.
7) ها هنا عبارة شديدة تفتح باب شر كبير خاصة لمن يريدون الطعن في كتابنا المنزل، وهي قولكم شيخنا عن منهج العلماء والقراء بعد ابن مجاهد: "منهج فرض على الأمة القبول باللهجات والقياس لتجذير المغايرة بين الروايات والقراءات حتى أصبحت بتعددها كأنها كلها منزلة من عند الله وهو قول في غاية السقوط والافتراء .... "
أنا متأكد أنك لا تعني ما فهمتُه أنا، لكن الذي يتبادر إلى الذهن هو أنك لا تعترف بنسبة هذه القراءات الموجودة الآن إلى الله تعالى، وهذا فتح باب شر مستطير، قد تقول حفظكم الله أنا قررت في كلامي أن القراءات غير القرآن، نعم، لكنهما إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا.
ألا إن كلامك شيخنا الحبيب يؤدي إلى إقصاء القراءات القرآنية وإسقاطها بالجملة، فلتنظر رعاكم الله إليه مرة أخرى، ولست أقولك هذا القول وإنما أُعْلمك بما يلزمك منه، ولا تستطيع أن تلتزم به.
بل إنك شيخي الفاضل قد ناضلت وحاججت عن قراءات الصحابة فكأنك تريد إقصاء قراءات أجمعت عليها أمة معصومة لا تجتمع على ضلالة.
8) شيخي العزيز: لما قارنتم بين فعل ابن مقسم وفعل غيره من أهل القراءة رأيتكم جمعتم بين غير المتماثلين.
فابن مقسم حاول القياس المقيد بالرسم .... ، نعم.
¥