تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما هذه الكتابات العربية التي يعود تاريخها إلى نصف القرن الهجري الأول ـ والتي وصفناه بالمحدودة ـ فقد ذكر الباحثون أن هناك قريباً من عشرين نصاً كتابياً بين منقوش ومخطوط، لكن المتيسر منه للدراسة عدد نادر ومحدود.

يتبع إن شاء الله

ـ[أحمد تيسير]ــــــــ[17 May 2009, 07:51 م]ـ

وتجب الإشارة هنا إلى الكتب التي أرسلها الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى الملوك بعد عودته من الحديبية؛ فقد أرسل إلى كل من (هرقل) قيصر الروم، وكسرى ملك الفرس، والنجاشي ملك الحبشة، والمقوقس ملك الإسكندرية، وغيرهم، يدعوهم إلى الإسلام العظيم.

ودراسة هذه الكتب والرسائل تحتاج إلى دراسة شاملة مشفوعة بخبرة ومعرفة واسعة بنوعية الخطوط في تلك الفترة.

يقول الدكتور الطاهر أحمد مكي في كتاب دراسة في مصادر الأدب ص/53:" إلا أن جانب الرسم يصوِّرُ دون ريبٍ طريقة كتابة الرسائل في القرن الأول الهجري".

لكننا يمكن أن نشير هنا إشارة عامة إلى جانب من خصائص تلك الرسائل، وهو الأهم، بالأمثلة التالية:

طريقة كتابة (الألف) وسط الكلمات:

فبينما نجد (الألف) مثبتة بطريقة واضحة في كلمة (الكتاب) في رسالة المقوقس، وفي كلمتي (ساوى) و (أقام) في رسالة المنذر، نجد أنها مثبتة بطريقة عجيبة في كلمة (سلام) في كلتا الرسالتين، إذ إنها كتبت (سلم) بدون ألف، ثم أضيفت إليها الألف بين اللام والميم مع بقاء ارتباط الحرفين مع بعضهما.

[قلت: وهذا يدل على استخدام الطريقتين في كتابة الألف في الوسط: بالحذف أو بالإثبات، وهذا ما نلمسه حقيقة في رسم المصاحف، فالألف مثبتة في الوسط في بعض المواضع، وغير مثبتة في مواضع أخرى].

ونتيجة لذلك الارتباط بين الكتابة العربية والكتابة النبطية، حملت الكتابة العربية كثيراً من خصائص ومميزات الكتابات النبطية ... كالزيادات والحذف وتبديل صورة الحرف ... كما اشرنا في بعض الأمثلة.

[قلت: وعليه فإن الكتابة العربية في صدر الإسلام لم تكن بدعاً أو أنها مبتكرة ومستقلة في الخصائص عما قبلها، أو أنها ظهرت فجأة، فالرسم القرآني لم يكن في ذاته جديداً بل هو من قبيل الكتابة المنتشرة آنذاك].

يتبع إن شاء الله ......

ـ[أحمد تيسير]ــــــــ[17 May 2009, 08:32 م]ـ

" والحقيقة أن هناك خطأ وقع فيه كثير من الدارسين حين نظروا إلى الرسم العثماني من خلال القواعد التي وضعها علماء العربية، واعتقدوا أن الكتابة العربية كانت في النصف الأول من القرن الأول الهجري على نحو ما نجده في كتب علماء العربية من الهجاء، ومن ثم فقد اعتبروا ما جاء في الرسم العثماني من ظواهر كتابية خروجاً على تلك القواعد، واعتبرها بعضهم خطأ واكتفى آخرون بالقول بأن الرسم لا يقاس عليه ولا يخالف.

والموقف الحق والمنهج الصواب في فهم حقيقة العلاقة بين الرسم العثماني والإملاء العربي هو:

أن الكتابة العربية أتى عليها حين من الدهر كانت تكتب بالصورة التي نجدها في الرسم العثماني تشهد لذلك النقوش التي ترجع إلى القرن الأول الهجري، ولكن اتساع استخدام الكتابة العربية في القرون الهجرية الأولى قد أظهر الحاجة بوضوح إلى وضع قواعد للكتابة أكثر تحديداً وضبطاً، فاتجه الناس منذ القرن الأول إلى تكميل ما يبدو في الكتابة العربية من نقص، وإلى توحيد ما فيها من تعدد القواعد، وأسهم علماء العربية في هذه الحركة وألَّفوا مع مرور السنين رسائل وكتباً في هذا الموضوع، واستقرت الكتابة نسبياً على ما ذكروه في كتبهم.

ومع كل ما سبق ذكره فإن الفجوة بين ما استقر عليه الإملاء العربي وبين ما نجده في الرسم المصحفي لم تكن كبيرة جداً بحيث تسوِّغ الحديث عن نظامين أو ثلاثة للكتابة العربية.

ومهما يكن من شيء فإن قصارى ما يمكن قوله عن العلاقة بين الرسم العثماني والإملاء العربي الذي يستخدمه الكاتبون منذ القديم إلى اليوم في غير المصحف:

هو أن الرسم كان يمثل مرحلة من مراحل الكتابة العربية، حمل خصائص تلك المرحلة، وما إملاؤنا اليوم إلا امتداد للرسم العثماني في معظم خصائصه.

يتبع إن شاء الله .....

ـ[أحمد تيسير]ــــــــ[17 May 2009, 09:01 م]ـ

إذن فإن الرسم المصحفي أو العثماني كان ذا أثر كبير في بلوغ الكتابة العربية هذه الدقة في تمثيل أصوات اللغة، ولا بد هنا من ذكر أمرٍ في غاية الأهمية أن نؤكد ما أجمع عليه عامة العلماء، وأئمة أهل الأداء، وكافة القراء، من أئمة السلف والخلف من وجوب المحافظة على رسم المصاحف العثمانية ولزومها؛ لا لأنه توقيفي؛ فهو لم يثبت بنص ولا دليل؛ والشواهد ـ كما بينا ـ تدل على أن الصحابة كتبوا القرآن بكتابتهم التي كانوا يستخدمونها في كافة أمور حياتهم، بل لأنه:

ـ أثر كريم من أيد طاهرة كريمة زكاهم الله في القرآن فرضي عنهم ورضوا عنه.

ـ ثم إن الرسم العثماني صار أحد الشروط الثلاثة التي يجب تحققها في كل قراءة؛ لتُعَدُّ صحيحة تجوز القراءة بها، وإذا ما غيرنا أو بدلنا هجاء بعض الكلمات في الرسم فسوف يختل ركن من أركان القراءة الصحيحة، مما يؤدي إلى خلل أو تضييع، ولا يعني ذلك أن القراءة مستمدة من الرسم أو أنها المعتمد في تحقيق ألفاظ التلاوة، إنما تُضبط عن القراء بالتلقي والمشافهة، إلا أن الرسم مع ذلك قادر على أن يشير إلى قراءة معينة من بين القراءات المروية الموافقة للرسم، فهو ركن أجمع العلماء على عدم تجاوزه.

انظر: غانم قدوري الحمد، رسم المصحف "دراسة لغوية تاريخية"، اللجنة الوطنية للاحتفال بمطلع القرن الخامس عشر الهجري، ط1، 1982م، ص/37ـ51، وص/59ـ75، وص77ـ90، وص/734 ـ 743، وص/747 ـ 784.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير