تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن المناهج التي سلكها القرآن الكريم في معاملة المخالفين المبطلين المباهلة؛ فقد أمر الله – تعالى- بها نبيه - صلى الله عليه وسلم - حينما جادله نصارى نجران في أمر عيسى - عليه السلام - فلم يقبلوا الحق الذي جاء به من عند الله - تعالى - وأصروا على باطلهم وضلالهم.

ونظراً لكثرة الخلاف في هذا العصر - مع الأسف - وقلة العلم أسيء استخدام هذا المنهج، فأخذ بعض الناس يدعو إلى المباهلة ( http://www.twhed.com/vb/t1348.html) من غير معرفة لضوابطها وفقه لأحكامها.

ولذلك أحببت أن أطرق هذا الموضوع من خلال ما أنزل الله - تعالى - فيه من آيات في سورة آل عمران، وما ذكره أهل العلم من المفسرين وغيرهم حول هذه الآيات.

تعريف المباهلة:

قال ابن منظور:

«البَهْل: اللعن، وبَهَله الله بَهْلاً أي: لعنه، وباهل القوم بعضهم بعضاً وتباهلوا وابتهلوا: تلاعنوا، والمباهلة: الملاعنة، يقال: باهلت فلاناً: أي لاعنته» (1).

وقال الراغب الأصفهاني:

«والبهل والابتهال في الدعاء الاسترسال فيه، والتضرع؛ نحو قوله ـ عز وجل ـ: (ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) [آل عمران: 61]، ومن فسر الابتهال باللعن فلأجل أن الاسترسال في هذا المكان لأجل اللعن» (2).

والخلاصة:

أن معنى ( http://www.twhed.com/vb/t1348.html) المباهلة ( http://www.twhed.com/vb/t1348.html) في اللغة: الدعاء باللعنة بتضرع واجتهاد.

وبعد التأمل في الآية الكريمة: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) [آل عمران: 61].

وما ورد في تفسيرها من الأحاديث والآثار، ومن خلال ما سبق من كلام أهل اللغة يتبين أن المراد بالمباهلة الشرعية: هي أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء مصطحبين أبناءهم ونساءهم فيدعون الله - تعالى - أن يحل لعنته وعقوبته بالكاذب من الفريقين.

المباهلة ( http://www.twhed.com/vb/t1348.html) في القرآن الكريم:

سلك القرآن الكريم هذا الأسلوب - المباهلة ( http://www.twhed.com/vb/t1348.html)- في مجادلة المشركين المبطلين الذين يتكبرون عن قبول الحق، ويصرون على باطلهم وضلالهم مع قيام الحجة عليهم، وظهور الحق لهم؛ حيث أمر الله - تعالى - نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يباهل نصارى نجران حينما جادلوه في أمر عيسى - عليه السلام - فلم يقبلوا الحق الذي جاء به من عند الله - تعالى - بل أصروا على عقيدتهم الفاسدة، ومقولتهم الباطلة في عيسى عليه السلام.

قال - تعالى -: (إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلا تَكُن مِّنَ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) إنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إلَهٍ إلاَّ اللَّهُ وَإنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62) فَإن تَوَلَّوْا فَإنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ) [آل عمران: 59 - 63].

سبب نزول الآيات:

قال الواحدي:

«قال المفسرون: قدم وفد نجران، وكانوا ستين راكباً على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم، وفي الأربعة عشر ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم؛ فالعاقب أمير القوم وصاحب مشورتهم الذي لا يصدرون إلا عن رأيه، واسمه عبد المسيح، والسيد إمامهم وصاحب رحلهم واسمه الأيْهم، وأبو حارثة بن علقمة أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم، وكان شَرُف فيهم ودرس كتبهم حتى حَسُن علمه في دينهم، وكانت ملوك الروم قد شرفوه ومولوه وبنوا له الكنائس لعلمه واجتهاده.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير