ـ[ضيدان بن عبدالرحمن]ــــــــ[15 Oct 2010, 02:53 م]ـ
6 – الإخلاص:
هذه الخصلة من الأدب متمِّمة لما ذكر من أصل التجرد في طلب الحق، فعلى المُحاور ان يوطِّن نفسه، ويُروِّضها على الإخلاص لله في كل ما يأتي وما يذر في ميدان الحوار وحلبته.
ومن أجلى المظاهر في ذلك: أن يدفع عن نفسه حب الظهور والتميُّز على الأقران، وإظهار البراعة وعمق الثقافة، والتعالي على النظراء والأنداد. إن قَصْدَ انتزاع الإعجاب والثناء واستجلاب المديح، مُفسد للأمر صارف عن الغاية.
وسوف يكون فحص النفس دقيقاً وناجحاً لو أن المُحاور توجه لنفسه بهذه الأسئلة:
- هل ثمَّت مصلحة ظاهرة تُرجى من هذا النقاش وهذه المشاركة.؟
- هل يقصد تحقيق الشهوة أو اشباع الشهوة في الحديث والمشاركة.؟
- وهل يتوخَّى أن يتمخض هذا الحوار والجدل عن نزاع وفتنة، وفتح أبواب من هذه الألوان حقهَّا أن تسدّ.؟
ومن التحسس الدقيق والنصح الصادق للنفس أن يحذر بعض التلبيسات النفسية والشيطانية فقد تتوهم بعض النفوس أنها تقصد إحقاق الحق، وواقع دخيلتها أنها تقف
مواقف إنتصارِ ذاتٍ وهوى. ويدخل في باب الاخلاص والتجرد توطين النفس على الرضا والارتياح إذا ظهر الحق على لسان الآخر ورأيه، ويعينه على ذلك أن يستيقن أن الآراء والأفكار ومسالك الحق ليست ملكاً لواحد أو طائفة، والصواب ليس حكراً على واحد بعينه. فهمُّ المخلص ومهمته أن ينتشر الحق في كل مكان، ومن أيّ مكان، ومن أيّ وعاء، وعلى أيّ فم.
إن من الخطأ البيِّن في هذا الباب أن تظن أنّ الحق لا يغار عليه إلا أنت، ولا يحبه إلا أنت، ولا يدافع عنه إلا أنت، ولا يتبناه إلا أنت، ولا يخلص له إلا أنت.
ومن الجميل، وغاية النبل، والصدق الصادق مع النفس، وقوة الإرادة، وعمق
الإخلاص؛ أن تُوقِفَ الحوار إذا وجدْت نفسك قد تغير مسارها ودخلتْ في مسارب اللجج والخصام، ومدخولات النوايا.
تم المراد والحمد لله رب العالمين.