5 - أن ينتسب بنسبة يستبدل بها النسبة الشرعية المطابقة من غير حاجة لها فيكون ذلك تضييعاً للسنة.
ومجرد إمكان دخول هذه المعاني على الحق لا يقتضي المنع منه كما لم تمنع إرادة التزكية من التسمي بالمؤمن وإنما يقال الحق وينتسب له مع التنزه عن الباطل ..
إذا تقرر ما تقدم = ننتقل لتعيين المعنى الشرعي المراد بالسلفية التي سينتسب لها ..
الصواب عندنا:
السلفية هي ما كان عليه السلف أصحاب النبي صلى اللهعليه وسلم و عدم الخروج عما أجمعت الصحابة عليه وهذا دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، أما جعل السلفية هي مجرد اجتهادات الصحابة = فهو خطأمحض لا يوافق عليه قائله؛ لأن مقتضاه جعل اجتهاداتهم سلفية وجعل مخالفتها خروجاً عنالسلفية وعن الكتاب والسنة ..
يبقى الخلاف في إجماع الصحابة المفسرة به السلفية هل هو القطعي أم الظني وهذه مسألة فقهية استدلالية وليست مسألة إيمانية ..
فالسلفية المراد بها: الإيمان بما أجمعت عليه صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وعدم اعتبار خلاف من خرج عما أجمعوا عليه،ودل على ذلك نصوص الوحي، وليس ذلك خارجاً عن الإسلام بل هو منه بمنزلة الشرائع كالصلاة والصيام والزكاةوحكم تارك السلفية يتنوع كتنوع حكم تارك شرائع الدين فيبلغ أن يكون كفراً ويكون معصية محضة ويكون بدعة تؤثم فاعلها ويكون بدعة لا يؤثم صاحبها، و تحقيق مناط ما كانت عليه السلف مسألةأخرى، والذي نحن فيه هو إثبات حجية إجماع السلف قولاً وفهماً ومشروعية الاعتزاء لهم كمشروعية الاعتزاء لأي شرعةمن شرائع الإسلام، والقدر الذي لا يُختلف فيه هو حجية ما ثبت بإحاطة من إجماعات السلف (الصحابة) وكونها حجة في فهم نصوص الكتاب والسنة. وأن التمسك بما كان عليه السلف من ذلك يسمى سلفية وهو اعتزاء لما حث على التمسك به الكتاب والسنة، والتمسك بالكتاب تمسك بالسنةوالعكس والتمسك بهما هو عين التمسك بإجماع الصحابة والتمسك بإجماع الصحابة هو تمسك بالكتاب والسنة ليس في إجماع الصحابة ما هو زائد على الكتاب والسنة والمتمسك بإجماع الصحابة هو السلفي ..
فهذا هو معنى السلفية الذي يراد الانتساب إليها، وعليه فهذا المعنى معنى صحيح شريف، وكل من انتسب إليه بنسبة عربية لم يكن عليه في ذلك حرج، فيبقى حكم الانتساب إليها باسم السلفي أو السلفيون ..
فحكم ذلك-والله أعلم- أنه مباح من المباحات، ولا يرتبط بمجرد النسبة ثواب ولا استحباب، وإنما يدخل الثواب والاستحباب على صاحب هذه النسبة من بابين:
الأول: دلالة هذه النسبةعلى ما تحتها من معنى التمسك بما عليه النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب محمد صلىالله عليه وسلم، وتجافيه عن المتجافين عن مذهب السلف.
الثاني: قصده الحسن في التعلق بالانتساب لأصحاب رسول الله.
فالأول من شرف القول المنتسب إليهوالثاني من شرف القائل المنتسب إليه.
وهذان البابان منفكان عن مجرد اسم السلفية؛ لذا لو قدر أن كان في لسان الناس اسم آخر يدل على نفس المعنى لدارمعه المعنى وبالتالي يدور الثواب، أم مجرد اختيار هذا البناء (السلفية) فمباح لاغير؛ ولذا لو جعلها (المتسلف) مثلاً = لجاز، فدل على أن النسبة بهذه النسبة المعينة مباح لا غير ..
والله سمانا المسلمين لكنه لم يمنعنا أن نتسمى بالمهاجرين أو الأنصار أو المجاهدين أو الفقهاء أو السلفيين وكلها شعب من اسم المسلمين ليس التسمي بها رافعاً لاسم الإسلام وليس فيها ما هو زائد عن اسم الإسلام والسلف لفظ عربي قديم وليس محدث والمحدث هو تعيين هذا السلف بأنهم سلفنا صحابةالنبي وليس هذا احداثاً في الاسم بل هو تعيين لمعناه الخارجي و التسمي بغيره من الأسماء المستحبة أو المباحة،وهذا لا حرج فيه ولو اقترن عند البعض بالمحذور، فينهى عن المحذور ويبقى الاسم، مادام المحذور ليس مستلزماً للاسم لاينفك عنه، ومادمنا لم نستبدل به اسماً شرعياً مطابقاً له ..
ولذلك لم ينه النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة عن التسمي بالمهاجرين والأنصار رغم كونه اقترن بالمحذور أحياناً ..
¥