تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"أولاً: تأتي أغلب إنجازات الصحوة وتأثيرات الحركات الإسلامية في مجالات مقاومة حملات التغريب و ردّ محاولات التشكيك بقيم الإسلام و تعاليمه، وقد قُدِّمت خلال أكثر من ثلاثة عقود مشاريع رائدة في ذلك، ولكن هذا النتاج جاء في مقابل تجييش المجتمع في خنادق المواجهة لصدّ تلك الحملات، حتى لو اختفت مسوّغات تلك المعارك من ساحات جيل اليوم، هذا الجيل الذي بقي يستلهم الحذر والقلق الشديد إزاء كل المنتجات الغربية كحالة واحدة صلدة لا تقبل التفكيك أو إعادة النظر، ولكن معطيات العصر و ثوراته التقنية والتواصلية فتحت الأجواء المغلقة للوافد الثقافي والاجتماعي الغربي، مما جعل فكرة التخندق تثبت سذاجتها و استحالتها في آنٍ واحد، و بالتالي برزت تساؤلات عدة طرحها جيل الشباب اليوم حول موقفهم من الغرب و الاستفادة من المنتجات الفكرية والفلسفية لعصر النهضة الأوروبية، و مدى التعاون مع مؤسساته المدنية، وهل نجسّر القيم الأخلاقية التوافقية كمشتركات حضارية للحوار والتفاهم، إلى غيرها من التساؤلات التي لا يزال الخطاب الإسلامي المعاصر يبحث عن مخرج يتجاوز فيه هذه الأزمة، وليس حلولاً واقعية تبعث جدواها في نفوس وعقول متلقيه."

المنتجات الفكرية والفلسفية لعصر النهضة الأوروبية أصبحت تملى علينا إملاء، والوضع الإسلامي في موقف لا يسمح له بالاختيار، وعليه فإن التعاون مع المؤسسات المدنية الغربية إنما هو قبول وتسليم بمنتجات الحضارة الغربية الفكرية والفلسفية.

ثم إن المشكلة ليست مشكلة الخطاب الإسلامي وإنما هي مشكلة صاحب القرار السياسي الذي يريد خطابا إسلاميا يخدم توجهه.

"ثانياً: هذه الصراعات المتكررة والمفتعلة استنزفت كثيرًا من طاقات الحركات الإسلامية، وأدّت إلى تغوّل الجانب السياسي على طبيعة أدبيات واهتمامات هذه الحركات، وأصبح الخطاب الأيدلوجي هو المهيمن على تفكير أبنائها، وغابت مسألة النهضة والحضارة عن طبيعة الوظيفة الاجتماعية، وإذا سألت بعض أبناء الحركات الإسلاميّة عن رؤيته لطبيعة الأزمة الحضاريّة التي تعيش فيها الأمّة أجابك أنّ السبب هو البعد عن الإسلام، ثمّ إذا سألته عن طريق الخروج من التخلّف أجابك: إنّ الإسلام هو الحل، لكنّك إذا سألته كيف؟ ولماذا؟ ومتى؟ وأين؟ أجابك بلغة إنشائية وعظية، بعيدة عن لغة البرمجة و حسن صناعة الحياة، و توظيف قيم الإسلام في النهوض والعمران و تنمية البلدان."

?ليس صحيحا أن الخطاب الأيدلوجي " العقدي" هو المهيمن على تفكير الذين يرون الحل الإسلامي، لأن الخطاب الإسلامي لا يفصل الجانب العقدي عن بقية الجوانب ولا يستطيع، لأن الإسلام كل لا يتجزأ، إلا عند من يريد أن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض.

ثم إن الذين يطرحون الأسئلة: كيف؟ ولماذا؟ ومتى؟ وأين؟ على القائلين بأن الإسلام هو الحل، لا يريدون جوابا وإنما يريدون خلطا للأوراق، وهذا ما جعل الدكتور مسفر يقول:

" أجابك بلغة إنشائية وعظية، بعيدة عن لغة البرمجة و حسن صناعة الحياة، و توظيف قيم الإسلام في النهوض والعمران و تنمية البلدان"

أقول: يا دكتور دع الإسلام يعمل فهو الذي يصنع الحياة في كل جوانبها ثم حاسبه، أما أن تعزل الإسلام وقيمه عن الحياة ثم تطالب ببرامج خيالية لا وجود لها إلا في الأذهان فهذا خلل في التصور وخلل في التفكير.

أو أن الدكترو مسفر لا يؤمن بأن الإسلامي هو الحل!؟

"ثالثاً: مشروعات النهضة هي برامج عمل تقتضي البناء والتغيير مهما كلف الأمر، ولكن بعض التيارات الإسلامية

لجأت إلى مبدأ السهولة (الذي قاله مالك بن نبي) الذي يجذب أصحاب النوايا الطيبة والفئات المخدرة المستكينة، ومن ثمَّ يستعاض عن متطلبات الحركة بوهج الشعارات وصراخ المطالبات العاجزة بالحقوق والحريات، بحيث يرضى الضمير المسلم بذلك الاشتعال الوقتي، ثم يعود كل شيء كما سبق دون تغيير، إنها أشبه بالمشاريع الصوتية المدغدغة لعواطف الجمهور، والقليل منها من ينفذ إلى العقول، ولكن من غير بناءٍ فكري عميق ينظم الذهن، ويدفع الفكر للحراك المجتمعي الراشد."

إذا كان الأمر كما تقول يا دكتور: "مشروعات النهضة هي برامج عمل تقتضي البناء والتغيير مهما كلف الأمر"

فأقول الكلام والتنظير سهل جدا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير