تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

• ظهور محاولة إنقاذ الدين من العقل وفق ما قام به الفيلسوف الغربي "كنط" حينما أقام دليل العقل العملي على وجود الله (دليل الأخلاق). ومبنى هذا الرأي التأسيس للعقيدة المسيحية التي لا تتلاءم والعقل، لهذا عدت محاولة النسج على منوالها متجاوزة لكل مسلمات العلم، إذ تختلف الديانة الإسلامية عن الديانة المسيحية المحرّفة في أساسهما العقدي. فأساس الأولى الفصل بين عالمي العقل والقلب الذي من مهماته العقيدة والإيمان، بخلاف ما هو عليه الإيمان في الإسلام، فهو موجّه إلى العقل في اللحظة نفسها التي يتوجّه إلى الوجدان. وقد رام تحقيق هذه المهمة المستعصية الشيخ فريد وجدي، فحاول إقامة البرهان على وجود الله تعالى دون الاستناد إلى الدليل العقلي (3)، وهي محاولة لا يمكن أن تنجح ولا ينبغي لها أن تنجح، وإن نجحت فإنها من قبيل الغلطة الناجحة، لأنها متصورة في المسيحية وغير متصورة في الإسلام. (4) فالمسيحي يضطر إلى إهانة عقله ليسلم له دينه، وكذلك الحال بالنسبة للملحد الغربي والشرقي، فإنه يضطر إلى الاستهانة بالدين ليسلم له عقله. والمسلم بخلاف ذلك تماما؛ فالعقل والدين لا يفترقان حتى غدت عند المسلمين قاعدة مشهورة "من لا عقل له لا دين له".

• تسرّب ضلال الاستخفاف بالعقل، وتأصّل ذلك بانتشار المذهب التجريبي وبناء العلم عليه بعد الفيلسوف بيكون، فطبق المذهب التجريبي بطريق الفلسفة الوضعية على العقائد، وقد زاد الأمر شناعة شيوع تقليد كل ما وفد إلينا من الغرب أو صدّروه إلينا. (5)

وفي ضوء ما سلف حصر الشيخ مهمته فيما يأتي:

• مكافحة الشبهات ومكافحة مروجيها والكشف عن المكامن التي يتستر المثيرون لها، حتى يتزعزع مكان الشبهات ومكانة مثيريها في قلوب الناس كائنين من كانوا، "فتنهار الشبهات ومروجوها وتسلم عقيدة المؤمنين من شرورهم وتساؤلاتهم". (6)

• الدفاع عن مركز علم الكلام وإثبات صدقه وصحة استثمار معارفه، والسعي إلى إثبات أن وجود الله لا يمكن أن يستند إلى الدليل التجريبي الجزئي الذي فتنهم، ولا يكون بغير الدليل العقلي، لأن الدليل العقلي أقوى وأيقن من الدليل التجريبي.

• محاربة اللادينيين بالقضاء على كل شك يرمون إلى تكريسه بطريق الإلحاد. وبهذا الصدد عمل على شحذ الهمم وتنبيه العقلاء إلى خطر تسرب العقليات الغربية المناوئة للدين إلى أذهان المثقفين المسلمين، ويتطلّب هذا الجهد سرد شواهد من كلمات رجال يستدل بأهمية مراكزهم الرسمية والأدبية على أهمية المسألة (7)، لهذا اضطر إلى تفحّص أقوال وأفكار الفلاسفة الغربيين وأيّد رأيه بكثير من أقوالهم وتصريحاتهم.

• حاول بيان المرض العقلي الذي هيمن على العقليات في مصر الحديثة نظرا لخطورته البالغة، إذ يرجع إليه حسب تقديره سبب هلاكها في الدنيا والآخرة إن بقي الأمر على حاله. (8)

• الدعوة إلى إصلاح الأوضاع العلمية في العالم الإسلامي، بصفته الطريق الوحيد للنجاح السياسي والاجتماعي في الحاضر والمستقبل.

موقفه من الهجمة المنظمة على العلوم الإسلامية

عمل الشيخ على عدة جبهات لمدافعة الهجمات التي تتعرض لها العلوم الإسلامية إرضاء للفكر الغربي الحديث، وبهذا الاتجاه قام بجهود جبارة في المطارحات الإعلامية والسياسية والتعليمية، وتجلى هذا المسلك في الجهود الآتية:

• العمل على بيان الخلل الطارئ على العقلية الإسلامية وخاصة في تسليم زمام أمورها إلى الفكر الغربي ممثلا في الفلسفة الغربية ولاسيما الوضعية. وقد سعى جاهدا في هذا الجانب إلى بيان بطلان أساس ما تبنى عليه هذه الفلسفة، فبيّن الفرق بين الدليل العقلي التجريدي والدليل (العلمي) التجريبي، فبرهن على تفوّق الأول على الثاني، بل أساس دلالة التجريبي مبنية أساسا على الدليل العقلي في مرحلة من مراحل الاستدلال أو تبليغ الدليل.

• ناضل حاملي الفكر الغربي في البيئة الإسلامية فحاول قطع الطريق على أولئك الذين حاولوا التعامل مع الثقافة الإسلامية من منطلق الفكر الوافد، وكأن الثقافة الإسلامية عارية عن كل أصالة وقوة إقناع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير