تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الرَّحِيم] خاصٌّ من جهة المعنى، عامٌّ من جهة اللفظ. من جهة المعنى = خاص بالمؤمنين قال تعالى:?وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً? (الأحزاب:43) أي لا بغيرهم؛ لأنَّ تقديم ما حقه التأخير يفيد الاختصاص، والأصل وكان رحيمًا بالمؤمنين، ?بِالْمُؤْمِنِينَ? جار ومجرور متعلق بقوله رحيمًا، فقُدِّم ما حقه التأخير عن عامله وهو المعمول فأفاد القصر أي بالمؤمنين لا بغيرهم. ومن جهة اللفظ = عامٌّ يصح أن يطلق على غير الله تعالى تقول: جاء زيد الرحيم. ومنه قوله تعالى: ?لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ? (التوبة:128). هذا كلام مختصر يتعلق بالبسملة من جهة المعنى.

وأما من جهة الإعراب فنقول: [بِسْمِ اللهِ] جار ومجرور متعلق بمحذوف، فعل مؤخر خاص مناسب للمقام، تقديره بسم الله الرحمن الرحيم أُؤلف أو أنظمُ. [بِسْمِ] اسم مجرور بالباء، وهو مضاف، ولفظ الجلالة مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره. [الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ] بالكسر فيهما [الرَّحْمَنِ] صفةٌ أولى، و [الرَّحِيمِ] صفةٌ ثانية صفة بعد صفة، والجر فيهما سنة متبعة.

قال الناظم: [قَالَ ابْنُ آبَّ وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ] قوله: [قَالَ] هذا فعل ماضٍ، والناظم قد سمَّى نفسه وقد أتى بجملة الحكاية، ومقتضى الظاهر أنَّ كونه حكاية عن نفسه يقتضي أن يقول: قلت لا قال، لكن أراد أن يذكر اسمه؛ لأنَّ الكتاب إذا كان مؤلفُه معلومَ الاسم ترغب النفس فيه أكثر، ففيه ترغيب للكتاب بتعيين مؤلفه ليكون أدعى لقبوله والاجتهاد في تحصيله فيثاب مؤلفه. ومدح الكتاب وذكر الاسم ليس من الأمور المعابة عند أهل التصنيف، وإنما فيه إظهار للنعمة التي أنعم الله بها عليه، وأيضًا المجهول مرغوب عنه، والناظم ناقلٌ فإذا سمَّى نفسه عرَفَ طالبُ العلم جلالةَ مَن نقل العلم فيُقبِل على ما نقل بقلبه وجوارحه فيحصل له النفع في أقرب مدَّة. وأيضًا من جهة أخرى أنَّ المقرر عند أهل التصنيف أنَّ ثَمَّ أمورًا في مقدمات الكتب لا بُدَّ من ذكرها، وهي ثمانية، أربعة واجبة وجوبًا صناعيًا، وأربعة مستحبة استحبابًا صناعيًا. فالأربعة الواجبة هي البسملة، والحمدلة، والصلاة والسلام على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والتشهد. والأربعة المستحبة هي تسمية نفسه، وقد أتى به الناظم كما ذكرنا، وتسمية كتابه، وأما بعد، وبراعة الاستهلال.

قوله: [قَالَ] فعلٌ ماضٍ لفظًا مُستقبَلٌ معنى. إذًا لِمَ عدل عن الفعل المضارع وأتى بالفعل الماضي؟ نقول: التعبير بالفعل الماضي مرادًا به الاستقبال خروج عن مقتضى الظاهر فلابد فيه من نكتة وفائدة، قال السيوطي في عقود الجمان مبينا تلك النكتة:

وَمِنهُ مَاضٍ عَن مُضَارعٍ وُضِعْ لِكَونِهِ مُحَقْقًا نَحو فَزِعْ

[ابْنُ آبَّ] هذا اسم أبيه، ولعلَّه كنيةٌ؛ لأنَّ الكنية ما صُدِّرَ بأبٍ أو أُمٍّ وعلى الأصح أو ابن أو بنت. وأراد أن يُبيِّنَ اسمَه فقال: [وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ] وهذا لضيق النظم، وإلا لو قال: محمدُ مباشرةً لأَدَّى المراد، واسمه مبتدأ، محمد خبر. وهو محمد بن آبَّ القلاوي التواتي، القلاوي الأصل من قبيلة الأقلال الشنقيطية، ومولده ومسكنه في مدينة أتوات المغربية توفي سنة ألف ومائة وستين (1160هـ) هذا هو الصواب والمشهور عند المتأخرين، ولذلك غُلِّط من شرح هذا النظم ونسبه لعبيد ربه، ولذلك نقول هذه المنظومة منسوبة لمحمد بن آبَّ لذلك الصواب في الشطر الأول أن يقال (قال بن آبَّ واسمه محمد) ولا نقول: (قال عبيد ربه محمد).

[اللهَ فِي كُلِّ الأُمُورِ أَحْمَدُ] أي قال: أحمد الله في كل الأمور، وجملة أحمد الله في محل نصب مقول القول. وأتى بالحمدلة بعد البسملة لأمور:

أوَّلاً: اقتداءًا بالكتاب العزيز حيث ثنَّى بالحمد بعد البسملة فقال: ?بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ` الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ? (الفاتحة:1 - 2)

ثانيًا: تأسيًا بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم بسنته الفعلية حيث كان يفتتح خُطَبه في خِطبة النكاح ونحوها بإنَّ الحمد لله نحمده.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير