3 - مدرسة الألفبائية الهجائية: وفيها يتم ترتيبُ الكلمات وفقَ الترتيب الأبجدي الهجائي الذي يتعلَّمه الطلاب الآن في المدارس والكتاتيب أ، ب، ت، ث، ج ... ومن هذه المعاجم التي تنتمي إلى هذه المدرسة "الجمهرة" لابن دريد، و"الوجيز" و"الوسيط" و"الكبير" الصادرة عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
4 - مدرسة المعاني والموضوعات، ومعاجم هذه المدرسة تجعلُ المعاني والموضوعات أساسًا في تأليفها وترتيبها؛ لأنَّها تهدف إلى جمع الألفاظ أو التراكيب التي تستعمل في المعاني أو الموضوعات المؤلَّفة، ومن هذه المعاجم "فقه اللغة وأسرار العربية" للثعالبي أيضًا، و"المخصص" لابن سيده.
5 - معاجم المصطلحات، وفيها يتِم جمع مصطلحات علمٍ ما من العلوم، وتُرتب على طريقةٍ معينةٍ من الطرق السابقة، ومن أمثلة هذا النَّوع "مفاتيح العلوم" للخوارزميِّ، و"التعريفات" للجرجانيِّ، و"كشاف اصطلاحات الفنون" للتهانوي.
معجم "مختار الصحاح":
مؤلِّفه محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر الرَّازي المولود في مدينة الرَّي عاش في أواسط القرن السَّابع الهجري، وكان - رحمه الله - متبحرًا في علومٍ شتَّى، منها الفقه والتفسير والحديث واللُّغة والأدب والبلاغة والتصوُّف، وقد غلبت شهرته في الفقه الحنفيِّ شهرَتَه في اللغة أحيَانًا، وله عدة مؤلَّفات عديدة، منها: "تحفة الملوك"، و"جامع الأسرار"، و"الذهب الإبريز في تفسير الكتاب العزيز"، و"شرح المقامات الحريرية"، و"روضة الفصاحة في علم البيان"، و"حدائق الحقائق في مواعظ الخلائق"، و"كنز الحكمة"، و"كتاب الأمثال"، و"كتاب معاني القرآن" [11] ...
وقد توفي - رحمه الله - بعد حياة حافلة بالعلم والعطاء سنة 666هـ، وذلك على أرجح الآراء، وكان قد فرغ من تأليف "مختار الصحاح"، قبل وفاته بست سنوات [12].
محتوى "مختار الصحاح"، ومكانته في المكتبة العربية:
هو من المعاجم المشهورة إلى يومنا هذا، واختصر فيه الرَّازي "الصحاح" للجوهري، واقتصر فيه على ما لا بدَّ منه في الاستعمال [13]، وضمَّ إليه كثيرًا من "تهذيب اللغة" للأزهريِّ وغيره.
وقد تَم ترتيب المعجم وفْقَ ترتيب مدرسة القافية، وهو نفس ترتيب "الصحاح" للجوهري، ويبدو أن وزارة المعارف المصرية قد عهدت إلى الأستاذ السيد محمود خاطر فرتَّبه على الترتيب الألفبائي العادي تسهيلاً على الناشئة، وخرجت طبعته سنة 1907م وتوالت طبعاته ولا تزال إلى يومنا هذا، وذلك لشِدة اهتمام الباحثين والمتعلمين به والاستفادة بما فيه من مادة لُغوية مفيدة وسهلة في مجالات عدة [14].
دور النحاة في الدرس المعجمي العربي:
لقد لعب النحاة العرب دورًا مهمًّا ومحوريًّا في الارتقاء بالدرس المعجميِّ وتطويره وإمداده بالمادة والأفكار الجديدة، وهذه بعض الصور الموجزة التي توضح هذا الدَّور:
- نصر بن عاصم الليثيُّ (89هـ): وقد ساهم في ترتيب حروف الهجاء.
- أبو عمرو بن العلاء (154هـ): وقد كان له العديد من الآراء والمساهمات اللغوية؛ فهو حجة لغوية لدى أصحاب المعاجم، ويلاحظ القارئ الكريم انتشار آرائه في بُطون أمهات المعاجم والكتب اللُّغوية القديمة، وغير قليل من الكتب الحديثة.
- الخليل بن أحمد الفراهيدي (175هـ): وله أكبر الفضل في تأليف أول معجم عربي "العين"، وقد ساهم في الحديث عن معاني الحروف والنَّقْط والشكل.
- سيبويه (180هـ): غير العربيِّ نَسَبًا، هو "إمام النحاة" بلا منازع، ومؤلف "الكتاب" الذي جمع علومًا ومعارف كثيرة منها ما أفاد منه أصحاب المعاجم.
- يونس بن حبيب (182هـ): هو صاحب الكلام الوَافي عن "معاني القرآن"، و"اللُّغات"، وتشهد صفحات المعاجم العربية بعلوِّ كعبه في اللغة.
- الكسائيُّ (189هـ): من أهم علماء مدرسة الكوفة، وإليه يرجع الفضل في نشأة هذه المدرسة، وقد أفاد المعجميُّون من مؤلَّفاته كثيرًا، والجدير بالذِّكر أنه كان من أوائل من كَتَب في "أبنية المصادر والأسماء".
¥