ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[21 - 03 - 2009, 11:54 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أشكر الأخ الأستاذ خالدا، والأخ الأستاذ عليا على دعوتهما للمشاركة في هذه النافذة، ولا إخال أنني سآتي بجديد، ولكن أقدم مقدمة أدعو الله أن ينفع بها، وهي تتعلق بتمييز النسبة.
تمييز النسبة منصوب عن تمام الكلام، فإذا تم الفعل بفاعله، أو المبتدأ بخبره صلح أن ينتصب بعد ذلك التمييز الذي لا يكون إلا نكرة، ذلك أن الفعل إما أن يكون لازما فيضعف عن نصب المفعول بعد أخذ فاعله، وإما أن يكون متعديا لمفعول واحد فيضعف عن نصب الثاني بعد تعديه لمفعوله، لذلك يكون نصبه للتمييز محدودا بكون التمييز نكرة مؤخرا عنه دائما.
أما الفعل امتلأ فلا يصح تقديم تمييزه عليه، فلا يقال: ماء امتلأ الإناء، ويجوز تقديمه لو جررته بمن، فقلت: من ماء امتلأ الإناء، ولأن الاستفهام له الصدارة أرى أنه يجب جر اسم الاستفهام بحرف جر مناسب، وقدره سيبويه بأن الأصل: من ماء.
أما الفعل زرع فإنه متعد إلى مفعول واحد، وهذا المفعول إما أن يكون نباتا أو أصلا لنبات وأعني به البذور، أو الأرض التي يزرع فيها النبات، لأنه يقال: مثلا زرعت قمحا، أو زرعت القمح، بدون ذكر الأرض، ويقال: زرعت أرضا لي، أوزرعت الأرض بدون ذكر النبات، وبذلك تتم الجملة، ويضعف الفعل عن أن يتعدى لمفعول آخر بنفسه، فلا يقال: زرعت القمح الأرض، أو الأرض القمح، فلا بد من حرف الجر، فتقول: زرعت القمح في الأرض، وزرعت الأرض بالقمح، فإذا عديته للأرض وأردت أن تنصب القمح، جاز بشرط أن يكون نكرة وألا يتقدم عليه فتقول: زرعت الأرض قمحا، فتنصبه على التمييز الذي هو هنا مفعول مخصوص (منكر وغير قابل للتقديم)، فهنا أيضا يكون السؤال بإدخال الجار على اسم الاستفهام، فتقول: بم أو بماذا زرعت أرضك؟
ولو قال قائل: أجعل القمح مفعولا ثانيا ملازما للتنكير، وأجيز تقديمه على الفعل، بخلاف امتلأ الإناء ماء، لأن الفعل مطاوع بعيد عن التعدي للمفعول، وبخلاف: تصبب زيد عرقا، لأن العرق في الأصل فاعل فلا يقدم على الفعل، لو قال ذلك قائل لكان وجها، وعلى هذا المذهب يجوز: ماذا زرعت أرضك؟
هذا والله أعلم.
مع التحية الطيبة.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[21 - 03 - 2009, 01:33 م]ـ
أكرمك الله أستاذي
والخلاصة كما أفهمها من سياقك أنه لا يجوز تقديم التمييز على عامله مطلقا كما هو رأي صاحب الكتاب .. وإن خالفه بعضهم في مسألة التصرف ..
ثم إن التركيب على هذا الرأي لا أساس له من الصحة إلا بجر ما الاستفهامية والتي لها الصدارة فتكون سياقات نحو:
بم امتلأ الإناء؟
بماذا امتلاء الإناء؟
شكري وامتناني
ـ[شذور الذهب.]ــــــــ[05 - 04 - 2009, 05:38 ص]ـ
لم أجِد لمَن منع تقدم التمييز حجةً بيِّنةً.
القولُ في مسألة التقديم والتأخير متفرِّع على قضية العاملِ. وقضية العامل كلُّها باطلةٌ.
والتقديمُ والتأخير يرجع إلى أمورٍ أُخَرَ؛ منها (دفعُ اللبس)، و (بناء الكلمة على التصدر)، وغيرُها. وهذا ما يقضي به المنطقُ الصحيحُ الذي يعتدّ به العربيُّ في أوضاعه، وكلامه. فلا يظهر أن هناك بأسًا أن يتقدَّمَ التمييزُ على عامله - كما يقولون -؛ فتقول مثلاً: (طيبًا فاحَ الروض)، و (ما فاح الروض؟). وأيُّ شيءٍ يلحظه العربيُّ في ذلكَ؛ فيمنعه من التصرف بالتقديم، والتأخير؟
وشكرًا لكم أحبتي.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[05 - 04 - 2009, 06:17 ص]ـ
ولقد هممت اليوم بإبداء ما أراه فيها لكني لما وجدت أخانا خالدا قد دعا شيخنا الدكتور بهاء الدين أرجأت رأيي إلى أن يصل فلعل القول الفصل عنده حفظه الله.
.
نحن بالانتظار أخي عليا.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[05 - 04 - 2009, 12:55 م]ـ
لم أجِد لمَن منع تقدم التمييز حجةً بيِّنةً.
القولُ في مسألة التقديم والتأخير متفرِّع على قضية العاملِ. وقضية العامل كلُّها باطلةٌ.
والتقديمُ والتأخير يرجع إلى أمورٍ أُخَرَ؛ منها (دفعُ اللبس)، و (بناء الكلمة على التصدر)، وغيرُها. وهذا ما يقضي به المنطقُ الصحيحُ الذي يعتدّ به العربيُّ في أوضاعه، وكلامه. فلا يظهر أن هناك بأسًا أن يتقدَّمَ التمييزُ على عامله - كما يقولون -؛ فتقول مثلاً: (طيبًا فاحَ الروض)، و (ما فاح الروض؟). وأيُّ شيءٍ يلحظه العربيُّ في ذلكَ؛ فيمنعه من التصرف بالتقديم، والتأخير؟
وشكرًا لكم أحبتي.
أخي خالدا حفظه الله
قضية العامل مبنية على استقراء اللغة، وليست مبنية على تحكم عقلي من النحويين كما يظن بعض من لا يفهم النحو، فإذا حكم النحوي بمنع تقيم معمول من المعمولات على عامله فهو مستند على أنه لم ترد نصوص يحتج بها تقدم فيها هذا المعمول على عامله، فعندما يقول سيبويه إن الفعل (امتلأ) لا يتقدم عليه (معموله) المنصوب، ولا يعرف هذا المعمول فإن حكمه هذا مبني على استقراء كلام العرب، حيث لم يرد عنهم أنهم قالوا مثلا: ماء امتلأ الحوض، ولم يقولوا: امتلأ الحوض الماء.
وبحسب قولك (دفع اللبس) أو غير ذلك من الأمور التي تراها من مقتضى المنطق الصحيح فسّرْ لنا عدم جواز: لا آتيك نائما ما دمت، وعدم جواز: هذا تفاحا الذي أكل، وغير ذلك كثير مما يمتنع فيه التقديم مع أنه غير ملبس، وليس المؤخر مما له الصدارة.
فالنحوي عندما لم يجد في اللغة ما تقدم فيه جزء من الصلة على الموصول، قال: لا يتقدم معمول فعل الصلة على الموصول.
لعلك تعيد النظر في فهمك لقضية العامل ولا إخالك ـ إن فعلت ـ أنك ستحكم مثل هذا الحكم القاسي على الأساس الذي بني عليه علم النحو.
مع التحية الطيبة.
¥