تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[15 - 04 - 2009, 11:34 ص]ـ

الخلاف في تقديم التمييز على عامله المتصرف مشهور بين المعترفين بالعامل وهذا الخلاف غير مبني على رفض نظرية العامل.

وأنا الآن على سفر فإذا رجعت إلى مكة فصلت لك القول إن شاء الله.

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[16 - 04 - 2009, 09:10 م]ـ

يا أستاذ خالد

غضبتي لم تكن لجواز تقديم التمييز على عامله المتصرف أو منع تقديمه، وإنما كانت بسبب عبارة نقلتها عن غيرك وكأنك راض عنها وهي:

وقضية العامل كلُّها باطلةٌ.

فهذه العبارة لا يقولها إلا أحد ثلاثة: رجل لم يفهم معنى العامل عند النحويين، ولم يدرك عواقب هذه المقالة، ورجل حاقد على التراث النحوي يريد هدمه، ورجل يحب الشهرة فيفعل كل شيء، ويقول الحق والباطل للاشتهار.

أما مسألة تقديم التمييز على عامله المتصرف فالخلاف فيه بين النحويين مشهور، ولكل فريق حججه وأدلته، ولا يمكن القطع فيها.

وسأبين بعض الأمور فيما جاء في كلام فيصل المنصور لأجلك ولأجل غيرك ممن قد يغتر بمن أوتي لحن القول، فيخيل إليهم أن كلامه حق، وإلا فإنه مصنف عندي من المغرورين لقوله في محاورة بيني وبينه:

وإنَّي أعلمُ أن قومًا ممن يطعنونَ عليَّ = لو كانَ الله تعالَى قدَّرَ أن أكونَ في عهدِ الأولينَ، ثمَّ رأوا هذا القولَ، وتلكَ الحججَ منسوبةً إليَّ، لأقبلوا عليهِا يدرسُونَها، ويستنبطونَ منها، ولكانَ غايةَ أحدِهم، ومنتهى مناهُ أن يقالَ عنه: (فلانٌ يحسِنُ قراءَةَ كتبِ أبي قصيِّ، أو يفهمُ عنهُ ما يقولُ

هذا ما قاله وقد وضع هو بنفسه تحته خطا، ولا يجتمع العلم في نظري مع الغرور، فمثله لا يحاور.

أقول وبالله التوفيق:

أول من أخطأ في تفسير مذهب سيبويه في منع نحو: ماء امتلأت، وشحما تفقأت المبرد، فقد نسب إلى سيبويه ما لم يره فقال: واعلم أن التبيين إذا كان العامل فيه فعلاً جاز تقديمه؛ لتصرف الفعل. فقلت: تفقأت شحماً. وتصببت عرقاً. فإن شئت قدمت، فقلت: شحماً تفقأت. وعرقاً تصببت. وهذا لا يجيزه سيبويه؛ لأنه يراه كقولك: عشرون درهماً. وهذا أفرههم عبداً، وليس هذا بمنزلة ذلك؛ لأن عشرين درهماً إنما عمل في الدرهم ما لم يؤخذ من الفعل. ألا ترى أنه يقول: هذا زيد قائماً. ولا يجيز قائماً هذا زيد؛ لأن العامل غير فعل، وتقول: راكباً جاء زيد؛ لأن العامل فعل؛ فلذلك أجزنا تقديم التمييز إذا كان العامل فعلاً. وهذا رأي أبي عثمان المازني. وقال الشاعر: فقدم التمييز لما كان العامل فعلاً:

أتهجر ليلى للفراق حبيبها ... وما كان نفساً بالفراق تطيب

ولم يمنع سيبويه التقديم للعلة التي ذكرها المبرد، فبعد أن بين سيبويه أن اسم التفضيل لم يقو قوة الصفة المشبهة باسم الفاعل، وكذلك الاسم التام كالعشرين ونحوه أراد أن يبين أن بين الأفعال أيضا تفاوتا في قوة العمل فكما أن الأسماء العاملة عمل الفعل تتفاوت في القوة كذلك الأفعال، فقال:

وقد جاء من الفعل ما قد أنفذ إلى مفعول ولم يقو قوة غيره مما قد تعدى إلى مفعول، وذلك قولك: امتلأت ماء وتفقأت شحماً، ولا تقول: امتلأته ولا تفقأته. ولا يعمل في غيره من المعارف، ولا يقدم المفعول فيه فتقول: ماء امتلأت، كما لا يقدم المفعول فيه في الصفة المشبهة، ولا في هذه الأسماء، لأنها ليست كالفاعل. وذلك لأنه فعل لا يتعدى إلى مفعول، وإنما هو بمنزلة الانفعال، لا يتعدى إلى مفعول، نحو كسرته فانكسر، ودفعته فاندفع. فهذا النحو إنما يكون في نفسه ولا يقع على شيء، فصار امتلأت من هذا الضرب، كأنك قلت: ملأني فامتلأت. ومثله: دحرجته فتدحرج. وإنما أصله امتلأت من الماء، وتفقأت من الشحم، فحذف هذا استخفافاً، وكان الفعل أجدر أن يتعدى إن كان هذا ينفذ، وهو - في أنهم ضعفوه - مثله.

فبين سيبويه أن هذه الأفعال التي تعبر عن الانفعال أضعف من غيرها لأنها لا تتعدى للمفعول لذلك لم يتصرف فيها كما تصرف في الأفعال الأخرى بتقديم معمولاتها، وشبه ذلك بامتناع تقدم معمول الصفة المشبهة عليها في نحو: هو حسن وجها، ومعمول اسم التفضيل أو العشرين لأنها لا تقوى قوة اسم الفاعل الذي يجوز تقديم معموله عليه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير