الآن لو غاب الرئيس وغاب رئيس البرلمان وناب عن الرئيس وزير الخارجية، هل يسمى وزير الخارجية في هذه الحالة نائبا عن رئيس البرلمان؟ في غياب الرئيس أو في حضوره. لا ليس نائبا عنه في أي من الحالينز
بل هو حال غياب الرئيس ورئيس البرلمان نائب عن الرئيس، وفي وجودهما غير نائب عن أي منهما.
كذلك الفاعل ينوب عنه في غيابه المفعول به أو المصدر (وليس المفعول المطلق) والظرف المتصرف والجار والجرور، كل بشروطه.
وأقول المصدر لا المفعول المطلق لأن المفعولية فيه وظيفة يؤديها في محال معينة، فلا يوسم بها في غير هذه المحال.
ويفضل أن ينوب المفعول به عن الفاعل إن وجد، وليس بلازم على الصحيح، وإن رأى البعض وجوب نيابة المفعول حال وجوده عن الفاعل، إلا أن ذلك ليس بلازم حال عدم وجوده، ونيابة غير المفعول به ليست بدلا عن المفعول به. وإلا للزمك القول بنيابة الظرف والجاروالمجرور كذلك عن المفعول به.
وقد ورد في فصيح الكلام نيابة غير المفعول به عن الفاعل في وجود المفعول به، واستشهدوا بقول الشاعر: لم يعن بالعلياء إلا سيدا، حيث ناب الجار والمجرور عن الفاعل في وجود المفعول به، بل قرأ أبو جعفر: " ليجزى قوما بما كانوا يكسبون" ببناء يجزي للمجهول ونيابة الجار والجرور عن الفاعل مع وجود المفعول به بل وتقدمه.
ثم لو جاز - فرضا - أن نيابة المصدر عن الفاعل هي نيابة عن نائب الفاعل الذي هو المفعول به، لو جاز هذا حال البناء للمجهول لأنه قام بما يقوم به المفعول به لو كان موجودا، ما جاز هذا حال البناء للمعلوم عند غياب المفعول به.
لوقلت ضربت زيدا. فهنا فاعل، (أنا)، وهنا مفعول به (مضروب أو واقع عليه الضرب) وهنا شيئان آخران في كلمة واحدة. فكلمة ضرب أفهم منها المعنى المجرد للفعل وهو الضرب هنا، والفعل الذي قمت به من رفع يد ولكم زيد بها مثلا. فمعنى الضرب مفهوم ضمنا، وقد يظهر إذا خفت عدم فهم المطلوب على حقيقته كأن يفهم من ضربته وجهت إليه كلاما قاسيا، فأقول: ضربت زيدا ضربا أو ضربا شديدا.
الآن في زمن منع الضرب في المدارس لو أردت توصيل الخبربدون ذكر الضارب أو المضروب.
لوقلت: ضرب وسكت، لم يفهم شيء لأن الإسناد ينقصه أحد طرفيه.
ولوقلت: ضُرِبَ ضَربٌ، فما فعلت شيئا لأن المصدر مفهوم ضمنا من الفعل.
ولو قلت ضرب ضرب شديد، أكون أضفت معنى يحسن الوقوف عليه.
المصدر ضرب هنا، عمن ناب؟ أعن الفاعل أم عن المفعول؟
لا شك أنه ناب عن الفاعل لأنه ما لا يستغني عنه الكلام.
ولوقلت بالبناء للمعلوم: ضربت ضربا شديدا بحذف المفعول به؟ فهل أقول نابت ضربا عن زيدا؟ وهذا فحوى سؤالك على ما أفهم.
الجواب لا، لم تنب عن المفعول لا هنا ولا هناك.
(زيدا) وقع عليه الضرب وربما أصيب وتألم، فكيف ينوب الواقع عن الموقوع عليه.
والمصدر في قولنا ضرب ضرب شديد، مصدر (لا مفعول مطلق) ناب عن الفاعل.
والمصدر في قولنا ضربت زيدا ضربا شديدا، مصدر وقع مفعولا مطلقا.
ومعذرة للإطالة.
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[22 - 03 - 2009, 04:31 م]ـ
لقد نمت وأدلجتم.
بدأت المشاركة ثم صرفتني صوارف، وعدت بعد ساعات فأكملت ما بدأت، وبعد الرفع، عرفت مامعنى أن تكون سلحفاة بين الأرانب.
ولكم كل المحبة والود ورجاء المعذرة
ـ[بدر الخرعان]ــــــــ[22 - 03 - 2009, 04:45 م]ـ
جزيت خيرا أبا عبد القيوم بل الحال معكوسة فقد سرنا سيرها وأنا السبب وعند خط النهاية أتى من خطف الأبصار فلله دركم .. ودمتم بخير
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[22 - 03 - 2009, 11:32 م]ـ
تكرم أخي ضاد بدعوتي لإبداء رأيي المتواضع في هذه المسألة التي تعاورتها أقلام النجباء، ووقعت بين إشكلين الأول خجلي من التعقيب بعد هذا الجهد الرائع والآخر خجلي من ترك جواب أخي الذي لا أجسر على التعذر له، ولذا سأقول ما يمكن عده من مزجى القول وما هو مقتبس من إفاداتكم مجتمعين.
1) النيابة عن الفاعل نيابة لفظية، إذ يرفع المفعول به رفع الفاعل وتجري عليه أحكامه التركيبية ولكنه من حيث الدلالة يظل مفعولا به، ولذلك يعرب المنصوب في (كُسي زيدٌ ثوبًا) مفعولا ثانيًا.
¥