تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[29 - 03 - 2009, 07:24 م]ـ

والقول بأنهم جعلوا المصدر أو الظرف مفعولا به غير مقبول لأنك إذا أعدت الجملة من البناء للمجهول إلى المعلوم عاد اسم الفاعل إلى المفعولية أما المصدر فلا يعود مفعولا به بل يعود مصدرًا وكذلك الظرف يعود ظرفًا. وإن كان ما ذكره أخي الدكتور بهاء الدين قولا منسوبًا لنحوي فلعله يذكره موثقًا لننتفع به.

حياكم الله أخي الكريم الأستاذ الدكتور أبا أوس

قبل أن أورد قول سيبويه، أقول: إن صيغة البناء للمفعول دالة على أن المرفوع بعد الفعل مفعول به، فضُرِب يدل على أن ثم مضروبا، فإذا قلت: ضُرِب يومان، أو ضُرِبت ضربتان، فاليومان مضروبان، والضربتان مضروبتان لفظا لا معنى، والمعنى أنه وقع الضرب على أحد الأشخاص مدة يومين، و في المثال الثاني وقع الضرب مرتين.

والآن لنعرض أقوال سيبويه:

قال رحمه الله:

هذا باب جرى مجرى الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعولين في اللفظ لا في المعنى، وذلك قولك:

يا سارق الليلةِ أهلَ الدار.

و تقول على هذا الحد: سرقتُ الليلةَ أهلَ الدار، فتجري الليلةَ على الفعل في سعة الكلام، كما قال: صيد عليه يومان، وولد له ستون عاماً. فاللفظ يجري على قوله: هذا معطي زيدٍ درهماً، والمعنى إنما هو في الليلة، وصيد عليه في اليومين، غير أنهم أوقعوا الفعل عليه لسعة الكلام.

معنى كلامه أنه يجوز أن تنصب الظرف على أنه مفعول به في اللفظ في سعة الكلام، أي من باب الاتساع والمجاز، فتنصب الليلة وكأنه مفعول به أول وأهل الدار مفعول ثان، فإذا أضفت اسم الفاعل إلى مفعوله الأول نصبت الثاني كما تقول: هذا معطي زيد درهما، وكذلك تقول: يا سارق الليلة أهل الدار، أضفت اسم الفاعل للمفعول الأول وهو الليلة، ونصبت المفعول الثاني (أهل الدار).

فإذا بنيت الفعل سرق في هذا المثال للمفعول قلت: سُرِقت الليلةُ أهلَ الدار، تجعل المفعول الأول نائب فاعل، ويبقى الثاني منصوبا.

وذلك كما تقول: ولد له ستون عاما، فتجعل الفعل واقعا على ستين عاما وكأنها مفعول بها، وإنما المراد: ولد له الولد ستين عاما، ولكن العرب تتسع في كلامها وتختصر لأن المعنى لا يشكل، فمعلوم أن السنين لا تولد وإنما يولد فيها.

وكذلك صيد عليه يومان، فيومان مفعول ما لم يسم فاعله في اللفظ، ولكنه في المعنى ظرف، والأصل صيد الوحش في يومين، ولكن جعل الظرف مفعولا اتساعا.

ثم قال رحمه الله:

فإن نونت فقلت: يا سارقاً الليلة أهل الدار، كان حد الكلام أن يكون أهل الدار على سارق منصوباً، ويكون الليلة ظرفاً، لأن هذا موضع انفصال. وإن شئت أجريته على الفعل على سعة الكلام.

فأجاز في حال الانفصال أن يكون الليلة ظرفا، ويكون الفعل متعديا لمفعول واحد، وهو حد الكلام، أي: وهو الوجه القوي الذي عليه أكثر الكلام، وأجاز أن تكون الليلة منصوبة على أن الفعل قد وقع عليها، أي: أن تكون مفعولا أول، ويكون (أهل الدار مفعولا ثانيا)

وله رحمه الله كلام طويل في هذا المعنى في باب آخر، أكتفي منه بقوله:

هذا باب استعمال الفعل في اللفظ لا في المعنى

لاتساعهم في الكلام، والإيجاز والاختصار فمن ذلك أن تقول على قول السائل: كم صيد عليه؟ وكم غير ظرف لما ذكرت لك من الاتساع والإيجاز، فتقول: صيد عليه يومان. وإنما المعنى صيد عليه الوحش في يومين، ولكنه اتسع واختصر. ولذلك أيضاً وضع السائل كم غير ظرف.

ومن ذلك أن تقول: كم ولد له؟ فيقول: ستون عاماً. فالمعنى ولد له الولد ستين عاماً، ولكنه اتسع وأوجز.

هذا عن الاتساع في الظروف.

وقال رحمه الله عن الاتساع في المصادر:

هذا باب ما يكون من المصادر مفعولاً فيرتفع إذا شغلت الفعل به، وينتصب إذا شغلت الفعل بغيره.

وإنما يجيء ذلك على أن تبين أي فعل فعلت أو توكيداً.

فمن ذلك قولك على قول السائل: أي سير سير عليه؟ فتقول: سير عليه سير شديد، وضرب به ضربٌ ضعيفٌ. فأجريته مفعولاً، والفعل له.

وكلامه واضح في أنه يجوز أن تجعل المفعول المطلق مفعولا به، فينوب عن الفاعل ويرتفع بالفعل.

ووضح هذا المعنى بأكثر من هذا فقال:

وتقول على قول السائل: كم ضربةً ضرب به، وليس في هذا إضمار شيء سوى كم، والمفعول كم، فتقول: ضرب به ضربتان، وسير عليه سيرتان، لأنه أراد أن يبين له العدة، فجرى على سعة الكلام والاختصار، وإن كانت الضربتان لا تضربان، وإنما المعنى: كم ضرب الذي وقع به الضرب من ضربةٍ، فأجابه على هذا المعنى، ولكنه اتسع واختصر.

وكذلك هذه المصادر التي عملت فيها أفعالها إنما يسأل عن هذا المعنى، ولكنه يتسع ويخزل الذي يقع به الفعل اختصاراً واتساعاً. وقد علم أن الضرب لا يضرب.

يعني أن (كم) في قولك: كم ضربة ضُرِب به، مفعول به وليس مفعولا مطلقا، لأن ضمير المفعول في (ضرب) يعود لكم، طبعا في الإعراب هنا: كم مبتدأ، وجملة (ضرب به) الخبر، فهو مثل: كم رجلا ضرب بالسوط. ولذلك تجيب: ضرب به ضربتان، فتجعل الضربتين مضروبتين ونحن نعلم أنهما ليستا مما يضرب، ولكن العرب تفعل ذلك للإيجاز والاختصار.

أرجو أن يكون فيما قدمت توثيق لما ذكرت قبل، ومعذرة إن وجد فيما نقلت من نصوص الكتاب أخطاء، فقد اعتمدت على النسخة المتداولة على الحاسب الآلي، فما زالت مكتبتي مرزّمة.

مع التحية الطيبة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير