تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

البشر ليست براجية العصمة - عتب وتغضب ولم تكلم الصديق حتى ماتت، واحتاج علي أن يراعي خاطرها بعض الشيء، فلما ماتت بعد ستة أشهر من وفاة أبيها صلى الله عليه وسلم رأى علي أن يجدد البيعة مع أبي بكر رضي الله عنه". اهـ

فكانت صلاته خلف الصديق، رضي الله عنه، بيعة ضمنية له، وليس من شرط صحة البيعة أن يبايع كل أهل الحل والعقد، وإنما تكفي بيعة البعض، ورضا الآخرين عنها، فالسكوت في ذلك الموضع: سكوت في موضع البيان، والسكوت في موضع البيان: بيان، كما قرر أهل العلم، ولا مظنة للإكراه في ذلك الموضع، إذ لم يحمل الصديق، رضي الله عنه، أحدا على بيعته، بل طلب الإقالة، فلم يُجَبْ، ولو رأى علي، رضي الله عنه، فيها انتهاكا لحرمة الدين ما وسع أمثاله من الأئمة المقتدى بهم: السكوت على الجور، ولقام معه من قريش من قام فبنو هاشم أعظم قدرا وأعلى منزلة من بني تيم رهط الصديق رضي الله عنه، فلما سكت علم أن بيعة الصديق: حق لا مرية فيه.

يقول المازري رحمه الله:

"الْعُذْرُ لِعَلِيٍّ فِي تَخَلُّفِهِ مَعَ مَا اِعْتَذَرَ هُوَ بِهِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي بَيْعَةِ الْإِمَامِ أَنْ يَقَع مِنْ أَهْل الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَلَا يَجِب الِاسْتِيعَاب، وَلَا يَلْزَم كُلّ أَحَدٍ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَهُ وَيَضَع يَدَهُ فِي يَدِهِ، بَلْ يَكْفِي اِلْتِزَامُ طَاعَتِهِ وَالِانْقِيَادُ لَهُ بِأَنْ لَا يُخَالِفَهُ وَلَا يَشُقَّ الْعَصَا عَلَيْهِ، وَهَذَا كَانَ حَالُ عَلِيٍّ لَمْ يَقَع مِنْهُ إِلَّا التَّأَخُّرُ عَنْ الْحُضُورِ عِنْد أَبِي بَكْر". اهـ

وما قيل في صلاته خلف الصديق، رضي الله عنه، يقال في خروجه تحت لوائه، في حروب الردة، فقد كان أحد قادة الحرس الأربعة الذين عهد إليهم بحفظ ثغور المدينة كما تقدم.

وخرج تحت لواء الصديق في حرب الردة وناله من سبيها: الحنفية التي استولدها ابنه محمدا، رحمه الله، وهو المشهور في كتب السير بـ: "محمد بن الحنفية".

بل كان ممن أشار على الصديق، رضي الله عنه، بعدم الخروج في الهجوم الشامل على المرتدين بعد رد العدوان الأول على المدينة حرصا على حياته كما تقدم.

وذلك مما يخرس الألسنة الطاعنة في علي، رضي الله عنه، بمداهنة أئمة الجور!!! زعموا.

وبعد أيها الكرام ذلكم هو الصديق رضي الله عنه: جامعة دينية، جامعة أخلاقية، جامعة سياسية، جامعة حربية، قد حيز له من المناقب ما حيز، فهو خاصة، والصدر الأول عامة: من أبرز دلائل النبوة، إذ صنعت منهم رجالا أفذاذا أقاموا الدين فدانت لهم الدنيا، ذلكم الصديق وكفى، ذلكم: (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ)، يقول سفيان بن عيينة، رحمه الله، في قوله تعالى: (إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ): "إن الله عاتب الخلق جميعهم في نبيه إلا أبا بكر". اهـ

فهو فرع عن صاحب الرسالة صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولذلك كان هدم أركان ذلك البنيان السامق: بنيان الصدر الأول رضي الله عنهم: هدما لبنيان الملة، إذ توقيرهم من توقير صاحب الرسالة صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتعظيمهم من تعظيمه، ولذلك ألحق من صنف في عقائد أهل الإسلام عموما وأهل السنة خصوصا: ألحق القول في الصحابة بالقول في النبوة، إذ حق الصحب، رضي الله عنهم، من حق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمن طعن فيهم فقد طعن في أصول الملة بالطعن في نقلتها، وذلك لازم لو فطن له من يظهر الانتساب لآل البيت، رضي الله عنهم، لكف وارعوى إن كان صادق المحبة لا يظهر خلاف ما يبطن.

والله أعلى وأعلم.

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[12 - 03 - 2009, 05:58 م]ـ

بارك الله فيك أخي الحبيب

رضي الله عن صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم ولو لم يكونوا أفضل الأمة ما اختارهم الله صحابة لنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وفي النفس شيء من قول ابن المديني رحمه الله:

ويقول ابن المديني رحمه الله:

"أيد الله تعالى هذا الدين برجلين لا ثالث لهما: أبو بكر يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة".

ليس نكرانا لموقف الإمام أحمد بن حنبل فإن الله قد نصر به الدين نصرا مؤزرا غير أن بعضهم توسع في هذا القول ولعلك تعلمه وفي هذا القول بعض المبالغة من حيث تحديده برجلين وإخراج الصحابة رضوان الله عليهم منه وقد أنصف ابن المزني رحمه الله في قوله:

ويقول المزني تلميذ الشافعي رحمهما الله: "أبو بكر يوم الردة، وعمر يوم السقيفة، وعثمان يوم الدار، وعلي يوم صفين، وأحمد بن حنبل يوم المحنة". اهـ

شكرا لك أخي المبجل.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير