تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كان تقدمه نسبيا، فهو تقدم على مستوى الأخلاق العامة التي تحكم علاقات الجماعة، في مقابل ترد كامل في الأخلاق الشخصية وصل لحد الحيوانية، وعلى مستوى النظم والتراتيب الإدارية، وعلى مستوى المدنية الحديثة، ولا أكثر، فلا زال الإشكال قائما بتنحية الوحي عن قيادة الأفراد وقيادة الجماعات، فالأخلاق نفعية بحتة، والتشريعات أرضية محضة، فلا تشفي المرض، وإن سكنت الألم حينا من الدهر، فلا بد من تغيير مستمر لعلاج القصور الذاتي فيها، لأنها نتاج عقول غير معصومة لا تدرك المصلحة بكل أبعادها، وإنما غايتها أن تدرك المصلحة الآنية، فلا تصور عندها لما بعد هذه الحياة.

وانظر إلى ما قدمته الأندلس لأوروبا في مقابل ما قدمه "نابليون" على سبيل المثال، لما غزا مصر بحجة تحديثها، فقد اصطحب معه كما تحكي كتب التاريخ فرقة من: "المومسات" الفرنسيات لإفساد نساء مصر المسلمات بحجة تعليمهن فنون الحياة العصرية، وهو نفس ما قام به الإنجليز في مشروعهم الهدام لإفساد المجتمع المصري المسلم، وهو نفس ما قامت به أمريكا في بلاد الأفغان والعراق، فأعيد افتتاح دور السينما في بلاد الأفغان بعد انحياز قوات الإمارة الإسلامية، ردها الله عز وجل إلى سدة الحكم، وأصبحت بلاد الأفغان الآن أكبر مصدر للأفيون في العالم بعد القضاء على زراعته زمن الإمارة الإسلامية، وأصبحت الأفلام الإباحية تباع في شوارع وأسواق بغداد، بل وأصبحت تجارة الأطفال لاستغلالهم جنسيا تجارة لها سوقها في مدينة المنصور!!!، وهذه بضاعتنا وتلك بضاعتهم، وعلى المشتري أن يختار لنفسه.

والإسلام كما عهدناه: كتاب يهدي وسيف ينصر دفعا وطلبا، فحجة ماضية تفتح القلوب وسيف ماض يفتح البلاد ويردع الخصوم، ولا بقاء لأمة الإسلام إلا بهما، وإنما يقع الزلل في استعمال أحدهما محل الآخر، فلا يعمل السيف في مواضع الجدال، فهي مواضع لين وجمال، ولا تعمل الحجة في مواضع القتال، فهي مواضع شدة وجلال.

وأمة الإسلام اليوم: منكسرة، تحتاج إلى من يوقظ فيها معاني الجلال، لا من يخدرها بالمهرجانات الفنية بحجة تسويق بضاعة الإسلام في الأسواق الفكرية، فليس الإسلام بضاعة مزجاة ليحتاج إلى تدليس وزخرف من القول، فهو ناصع الحجة، وإنما الباطل هو الذي يحتاج الزخرفَ ليروج على المشترين، والخير كل الخير في بلاغ رسالة الإسلام، كما هي، علما وعملا، أخبارا وأحكاما، جلالا وجمالا، فالرسالة لا تقبل التعديل تبعا لتفاوت الأهواء والأذواق في القبول والرد، وإنما دين الله واحد لا يتجزأ، فمن دخل في السلم فليدخل فيه كافة.

وليرح أصحاب المهرجانات أنفسهم، فلن يرضى عنكم الغرب طالما بقي لكم من الإسلام نصيب، ولو كان اسما بلا مسمى.

ومرة أخرى: لا بقاء لهذا الأمر إلا بجمال الحق وجلال السيف.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير