وصاحب الرسالة السماوية: يعطي خصوه تأليفا، وفي جامع الترمذي، رحمه الله، من حديث صفوان بن أمية رضي الله عنه: (أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ فَمَا زَالَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيَّ)، ومن حديث أنس رضي الله عنه: (مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ قَالَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ)، فهو يعطي على الدين لا على رياسته وزعيم الثورة الأرضية يمنع خصومه تنكيلا، فلا عطاء إلا لماسحي الجوخ من الشعراء والمطربين الذين يشيدون بحنكة الزعيم!.
وصاحب الرسالة السماوية: قد اجتمع له الجمال والجلال، وزعيم الثورة الأرضية ليس له إلا جلال السيف، وليته كان سيف عدل وإنصاف، بل هو سيف جور وطغيان، يخضع به أبدانا بلا قلوب.
وصاحب الرسالة السماوية: يستعمله الباري، عز وجل، في نصرة دينه، وزعيم الثورة الأرضية يستعمله الغرب في حرب دين الله، عز وجل، كما استعمل من استعمل من الثوار! في ضرب الصحوة الإسلامية في منتصف القرن الماضي.
وصاحب الرسالة السماوية: مؤيد بالوحي، وزعيم الثورة الأرضية مؤيد بفرق مكافحة الإرهاب والمعتقلات سيئة السمعة.
وصاحب الرسالة السماوية: يستعمل الوحي، وزعيم الثورة الأرضية يستعمل الحقد، فيؤلب الفقير على الغني، ليمتطي ظهره وصولا إلى كرسي الزعامة.
وصاحب الرسالة السماوية: سريرته كعلانيته، وزعيم الثورة الأرضية: غاش لرعيته يخفي ما لا يبدي.
وصاحب الرسالة السماوية: يعفو عمن ظلمه، بل عمن حاول قتله، وفي حديث الرجل الذي حاول قتله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي فَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ قُلْتُ اللَّهُ فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ)، وزعيم الثورة الأرضية يلفق لخصومه التهم لينكل بهم على وزان حادثة: "المنشية"!!.
وصاحب الرسالة السماوية: وإن كان فقيرا، فهو عزيز النفس، يستعمل ما جبل عليه من كريم الخلال في جمع القلوب، فكان عليه الصلاة والسلام يكف يده عن صحفة أبي طالب حياء إذا مد الصبية أيديهم، ولما رأت خديجة، رضي الله عنها، من كريم خلاله ما رأت، رغبت في نكاحه فليس في فتيان قريش مثله خلقا وأمانة مع كونه غير ذا مال وزعيم الثورة الأرضية: إن كان فقيرا فهو قليل الدين، ينظر إلى الغني نظرة الحاقد، فإذا تمكن منه نكل به ليشفي غليله، والثورات الشيوعية خير شاهد على ذلك.
وصاحب الرسالة السماوية: يعفو إذا ملك، فعفا عليه الصلاة والسلام عن فئام من قريش يوم الفتح مع عظم جرمهم، وزعيم الثورة الأرضية يعلق المشانق لكل من عارضه، وإن كان الحق معه، فلا ثورة بلا مشانق ومعتقلات كما يردد أعضاء مجالس قيادات الثورات، ويتم تقييد الجناية في النهاية ضد مجهول عنوانه: "أخطاء المرحلة"!.
وصاحب الرسالة السماوية: يباشر مهامه بين رعيته، وزعيم الثورة الأرضية يباشر مهامه من غرفة العمليات إياها!!.
فلا يستوي المؤيد بالوحي، الذي بعث لتحرير العباد من عبادة البشر إلى عبادة رب البشر، والمؤيد بالقوة الظالمة الطالب بلسان الحال عبادته من دون الرب جل وعلا.
وكل طاغوت أرضي: شرقي أو غربي، رأسمالي أو شيوعي، منتهى أمره: يا قوم اعبدوني ما لكم من إله غيري، وكل رسول: عربي أو عجمي، منتهى أمره: (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)، وعلى العاقل أن يختار لنفسه ما يلائمها:
فهذا رسول يحكم بالوحي وذاك ميكيافيللي يرى السلطة في حد ذاتها غرضا.
والله أعلى وأعلم.