تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بمقالته. فكان المذهب محاولة لتسويق التوجه السياسي، بتهذيب الكسروية إن صح التعبير، وتقريبها إلى الإسلام لتروج على بقية المسلمين، بإظهار الوحدة المزعومة، فالمسألة لا تعدو أي خلاف فقهي مذهبي!، مع أن الناظر في أصولهم يكاد يجزم بأن لهم دينا ولبقية المسلمين دين، وإن تسمى كلاهما باسم الإسلام، فهي تسمية يصدق عليها حد: "الاشتراك اللفظي" لا أكثر.

وقولك أخي الكريم: نور الدين:

وكم كنت أود أن تُحجم عن فكرة شق الصف الإسلامي , والتحدث العربي الفارسي والفارسي العربي , وكما ترى ففي كل ثوب رقعة واسعة من الجهل , فمثلما عندهم النيروز نحن عندنا الصوفية والطرق الغريبة التي ما أنزلت ولم يشر لها سيد الخلق مُحمدا , فها أنتَ قد أدخلت مجموعة من المواضيع في بعضها البعض مما أدى إلى تشعب صريح:

ليس في الحديث عن هذا الأمر استدعاء لتراث قديم، أو خلاف مندثر بهدف شق الصف الإسلامي، الصف قد شق من لدن قتل عثمان، رضي الله عنه، وإلى يوم الناس هذا، سنة كونية جارية، فليس الخلاف أمرا مطلوبا شرعا، ولكنه واقع قدرا، فلا مناص من التعرض إليه، وهل قرر المصنفون في العقائد هذه الاختلافات الجذرية بين الفرق الإسلامية إلا بعد أن ظهرت، فاضطروا إلى ذلك صيانة للمقالة الأولى، لا سيما في الأزمان التي تتمدد فيها المقالات المذهبية، والمناسبات التي تظهر فيها شعائرها المنافية لشعائر الملة، وزماننا هذا من الأزمنة التي يصدق عليها هذا الحد، ولعلك من المتابعين للظرف السياسي الحرج الذي تمر به أمة الإسلام، لا سيما في أرض الرافدين، بعد سقوط الأقنعة الرومية الفارسية المداهنة، فقد كانت حرب العراق محكا للصداقة الغربية والأخوة الفارسية!، وما حل بالموحدين في أرض الرافدين على يد الصديق والأخ! قطع كل حجة لأصحاب مقالات: التحالف الدولي والتقريب المذهبي، الأمر، أخي نور الدين، صار: نازلة، أو أمرا واقعا، إن سكتنا حفظا لوحدة إسلامية هشة، بل هي عند التحقيق غير متصورة، لاختلاف الأصول بل والفروع، لو سكتنا أخي نور الدين، فلن يسكت القوم بعد أن شرعوا فعلا في تحقيق حلم الإمبراطورية التي ستعيد لأمة فارس عزها وتذيق العرب ذل الهزيمة برد صفعة فتح فارس بصفعة فتح: "مكة"!!، وكأن مكة لم تصر دار إسلام إلى يوم الناس هذا، ولعلك تقرأ في موروثهم الديني، أن مهديهم سيقتل تسعة أعشار العرب!، ولا أدري لماذا العرب بالذات، ربما لأنهم حملة الرسالة الذين اختارهم الله، عز وجل، لفتح فارس وتقويض عرش كسرى؟!

وأوافقك أخي نور الدين أن لدينا: طرقا غريبة، كما هي طرقهم، ولكن من قال بأن الطرق العقدية المنحرفة هي من دين الإسلام أصلا، سواء أكانت عربية أم فارسية أم فرعونية ......... إلخ، الإسلام مقالة واحدة من لدن بعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإلى يوم الناس هذا، لا يقدح في صفائه: بدع العرب أو العجم، وإنما يقدح ذلك في معتقد من انتحله، فقد ينحرف المسلمون، بل قد انحرفوا بالفعل، ولكن الإسلام لم ولن ينحرف، فذلك موعود بنا، عز وجل، ويوم احتج النصارى على شيخ الإسلام، رحمه الله، في تسويغ دعاء عيسى المسيح ومريم البتول، عليهما السلام، قياسا على دعاء المسلمين: الحسين ونفيسة، رضي الله عنهما، وغيرهما من آل البيت، رضي الله عنهم، كما يقع من غلاة الصوفية عندنا في مصر، فهو، إن صح، من قياس الأولى، فإن المسيح ومريم عليهما السلام أفضل من الحسين ونفيسة رضي الله عنهما، بإجماع أهل الملل، فإذا صح دعاء الأدنى صح دعاء الأعلى، وهو إلزام عقلي صحيح، ولكن من قال بأن ذلك من دين الإسلام أصلا ليصح هذا الإلزام: دعاء غير الله سواء أكان ملكا أم نبيا أم وليا أم ........... إلخ محرم، فلا يعني ارتكاب طائفة من المسلمين له أنه حق في نفس الأمر، فلم يخل زمان من قائم لله بحجة ينكر تلك البدع، فشتان أخي نور الدين: من ينكر ذلك ويعده خروجا عن دين الإسلام يصل إلى درجة الكفر، بعد إقامة الحجة الرسالية إذ الجهل فاش في تلك المسائل وهو عذر معتبر لا سيما في الدول التي تنتشر فيها بدع غلاة الصوفية في مقابل انحسار العلم وقلة بل عدم من يعلم الناس أمر دينهم، شتان ذلك ومن يقرر ذلك، ويحييه، ويحرص على الاستعلان به، فهو عنده شعيرة يمتاز بها عن غيره، والحق واحد، أخي نور الدين، سواء أكان عربيا أم فارسيا أم روميا الحق ما وافق الأمر الأول: أمر محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصدر الأمة خير طباقها، ولم يكن عندهم: نيروز، ولو كان عندهم لنقل إلينا، فلو كان خيرا لسبقونا إليه، فهو كما قلت أخي نور الدين: بدعة محدثة لا أكثر.

والله أعلى وأعلم.

عذرا أيها الكريم على الإطالة والتشعب كالعادة وجزاك الله خيرا، مرة أخرى، على الرد والتفاعل مع موضوع المداخلة الأصلي!!.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير