تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وحالهم كما جاء في الكتاب العزيز: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ).

وقد كان عمر، رضي الله عنه، يبكي للشيخ الفاني من أهل الذمة، فيأمر بوضع الجزية عنه، ويجري له عطاء من الصدقات، ولا أظن حكام اليوم مع تفانيهم في استرضائهم يكنون لهم من الرحمة ما كان في صدر الفاروق، رضي الله عنهم، بل غايتهم أن يقولوا: مكره أخاك لا بطل!، فهو يظهر وحدة النسيج الوطني المزعوم ويتمنى في قرارة نفسه، والله أعلم، أن تنشق الأرض وتبتلعهم، ليتخلص من صداعهم الذي يؤرق عليه حياته ويهدد عرشه باستجلاب الضغوط الخارجية المستمرة، فالمسألة عنده: سياسة غير مخلصة، والمسألة عند الفاروق رضي الله عنه: دين يخلصه لرب العالمين، تبارك وتعالى، ومن يعطيك حقك بإخلاص خير ممن يعطيك أكثر من حقك بغير إخلاص، إذ لو تسنى له حرمانك لحرمك بخلاف الأول الذي يتدين بإعطائك حقك كما كفله لك الشرع الحنيف، والعيش في كنف هذا خير ألف مرة من العيش في كنف ذاك الذي لا يعرف إلا لغة المصلحة الآنية العاجلة.

ومن الملاحظات في هذه النازلة أيضا:

أنها تكشف مدى ما يصيب المسلمين من انحلال عرى الولاء والبراء في قلوبهم، بمخالطة الكفار فهي: سبب رئيس في ذلك، فتلك الجزيرة، على وجه الخصوص، تمتاز عن بقية جزر الأرخبيل القمري، بتوافد أعداد كبيرة من السياح الفرنسيين عليها، وهو ما أزال الوحشة بينهم وبين المسلمين، وهم بطبيعة الحال في تلك البقاع النائية غير محصنين عقديا، فسهل على طلائع الاستعمار السلمي هذه المرة!، غزو قلوبهم، والفرنسيون معروفون بلباقتهم الشديدة فهم ملوك "الإتيكيت"!، فضلا عن الأوضاع المادية المتردية في تلك الأصقاع المنسية، وهو ما يجعل سكان الجزيرة فريسة سهلة للاستعمار، بل التنصير، فجهل مطبق، وفقر مدقع، وتلك بيئة نموذجية لنشر أي فكر منحرف، بل قد وصلت طلائع الغزو الفارسي المنحرف عقديا إلى تلك البلاد، فلم يزرها، للأسف الشديد!، إلا رئيس دولة فارس، صاحب الغزوات الميكروفونية الشهيرة! على وزان: أسمع جعجعة ولا أرى طحنا!، وبطبيعة الحال تأخر المسلمون والعرب كعادتهم، وهو ما حمل رئيس جزر القمر على طلب الدعم في مؤتمر القمة الأخير لمواجهة هذه النازلة التي خسرت الدولة فيها، عمليا، ربع أرضها بحلول عام 2011 تاريخ الالتحاق بالركب الفرنسي، ركب التقدم والحضارة، فعاصمة النور تفتح ذراعيها لسكان المستعمرة الجديدة!.

وقد حصل على وعود بمساعدات مادية، لعل الله، عز وجل، أن يهيئ للعرب سبيل تحقيقها فلا تكون كلاما كالعادة!. ويوم أقامت دولة موريتانيا في ظل الحكم العسكري قبل السابق!، علاقات مع دولة يهود، ضج العرب، كعادتهم، وارتفعت أصوات النقد والشجب والاستنكار ........... إلخ، دون نظر إلى ما حمل تلك القيادة المتخاذلة آنذاك على تلك الخطوة السلبية، فموريتانيا، أيضا، كانت بقعة منسية من بقاع العالم الإسلامي، فنجحت أمريكا ومن ورائها جماعات الضغط اليهودية في استقطابها بسلاح: المساعدات والاستثمارات والوعود الوردية في مستقبل أفضل ..... إلخ، وهي نفس الوعود التي استقطبت بها القيادة المصرية في كامب ديفيد، بعد أن أنهكت الحروب التي خسرناها في 48 و 56 و 67 بخيانات داخلية بلادنا، وليس ذلك مبررا لتلك المعاهدة المشئومة التي قيدت مصر وأقصتها عن المعركة، ولكنه تقرير لواقع عاشته مصر وموريتانيا وتعيشه الآن جزر القمر فهي صور متكررة مع اختلاف الأمصار، وليت شيئا من تلك الوعود، وهي لا تساوي شيئا في ميزان الشرع، ليت شيئا منها تحقق، فحتى الفتات الذي تلقيه أمريكا لمصر باسم: "المعونة"، بدأت الإدارة الأمريكية في تخفيضه شيئا فشيئا للضغط على مصر التي لا تستطيع الآن الاستغناء عن قمح ودولارات أمريكا، فقرارها السياسي مرهون بهما!، والمسلسل يتكرر في أكثر من بقعة من بقاع العالم الإسلامي نتيجة تخاذل المسلمين عن نصرة إخوانهم ماديا ومعنويا، ثم نستيقظ فجأة على جزء جديد يستقطع من جسد الأمة المسلمة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير