تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يوجد أحد أبداً إلا أسامة، فهو أقرب الناس إليه، والرسول صلى الله عليه وسلم يحبه جداً، وهذا موضوع خطير وحساس لا يمكن أن يتكلم فيه إلا أسامة. كلموا أسامة: توسط لنا عند رسول الله، فأُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمرأة، فكلمه فيها أسامة بن زيد، فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغضب، فقال: (أتشفع في حد من حدود الله) فقال أسامةوشعر بالذنب الشديد: استغفر لي يا رسول الله! أي: لأني تجرأت بأن أتوسط في حد من الحدود. لا تجوز الوساطة في الحدود نهائياً، ومن أكبر الجرائم إخراج شخص قد حكم عليه بحد، وبلغ الإمام، فمن يتوسط له يبوء بإثم عظيم عند الله. فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً، فأثنى على الله تعالى بما هو أهله، ثم قال: (أما بعد: فإنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها، ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقُطعت يدها أمام الناس). هذه قصة معروفة للجميع، لكن الشيء الذي يجهله الكثير من الناس تكملة القصة، والقصة في صحيح مسلم، قالت عائشة: [فحسنت توبتها بعد -هذه المرأة السارقة تابت إلى الله، وحسنت توبتها بعد ذلك وتزوجت- وكانت تأتيني بعد ذلك، فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم] هذه عبارات عظيمة جداً ينبغي أن نقف عندها، هذه المرأة السارقة لما تابت لم تصبح منبوذة، لم ينظر الناس إليها بعين السخط والازدراء على ما وقع منها من ذنب، لقد وجدت لها مكاناً في المجتمع الإسلامي، لقد وجدت من يتزوجها، لقد كانت تأتي إلى عائشة فتفتح لها البيت وتستقبلها، بل لقد كانت حاجتها ترفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قائد الأمة، وأعلى رجل في الدولة الإسلامية. إذاً .. هذا الاستقبال الحسن هو الذي يجعل التائب يواصل في التوبة عندما يشعر أن له مكاناً وأن الاستقبال حسن؛ فإنه يواصل في التوبة، ولكن في كثير من الأحيان لا يحسن البعض استقبال التائبين، وينظر إليهم بعين الازدراء والاحتقار والنقص؛ لأنه كان صاحب سجل في الماضي، فيرى نفسه منتقصاً، فيقول: الأحسن ألا أرجع إلى الناس الذين كنت معهم في الماضي، لماذا أعيش بين أناس ينظرون إلي بهذه النظرة؟ وهذا السيء في الاستقبال يتحمل إثم نكوص الشخص الذي كان قد تاب، ثم نظر إليه بهذه النظرة ولم يفسح له المجال، فهو يتحمل شيئاً من إثم هؤلاء الذين لم يحسن استقبالهم.

أهمية الاعتناء بالتائبين

أيها الإخوة! استوصوا بالتائبين خيراً، لابد أن نلتقط الناس الذين تابوا نتيجة ظرف معين، لابد أن نبحث عنهم وندقق في الأحوال، ونتلمس هذه النوعية لكي تحاط بشيء من العناية والرعاية والاهتمام حتى يستكمل هذا الشخص المشوار. مثال: هناك الآن أناس كثيرون بعد الحج والعمرة يتغيرون، بعد حادث سيارة يتغير، وبعد مرض يشفى منه يتغير، وهذا التغير قد لا يستمر، فالواجب على الدعاة إلى الله أن ينتهزوا الفرصة، وأن يبادروا مباشرة إلى هذا الشخص الذي تأثر الآن، وأن يضربوا على الحديد وهو حامٍ ليتشكل التشكل المطلوب، وهذه نقطة مهمة جداً؛ لأن بعض الناس يرى شخصاً ما جاء من الحج وتأثر، ولكن يقول: ألتفت إليه فيما بعد (يؤجله) الشخص هذا رجع من الحج، وجلس في فترة تأثر، ثم بدأ يضعف شيئاً فشيئاً، ويرجع إلى عادته الأولى، وإلى أصحابه القدامى، ويرجع إلى ما كان عليه، ثم تأتي إليه بعد ذلك بفترة لتجد الشخص قد رجع تماماً مثلما كان، الآن أثر الكلام لن يكون قوياً، والشخص الآن قد لا يتأثر، لكن لو جئته مباشرة بعد ذلك العمل الصالح الذي قام به، أو بعد ذلك المرض أو الحادث الذي نجا منه، فكلمته وأعطيته دفعات من أعمال الخير والأعمال الصالحة، ودللته على الحق وأبواب الخيرات، واهتممت به وراعيت أحواله، فإن حاله يتطور إلى المزيد. فلابد أن يتلقف مثل هذا الشخص، ويحاط بمجموعة من أهل الخير، ويدخل في وسط طيب، ويصبح أصحابه من أهل الخير، ويصبح الرجل يشترك ويأتي في المناسبات الطيبة التي تحفظ عليه الإيمان الذي اكتسبه من هذه الحادثة، أو من هذا العمل الصالح الذي قام به. هذه البذرة إذا لم تتعهد بالرعاية، ولم تسق بماء الإيمان فإنها تموت، ومن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير