تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المسئول بالإضافة إلى الشخص نفسه؟ إن المسئول هو الداعية المقصر الذي لم يلتفت إليه وضيع الفرصة.

مخالطة التائبين

استوصوا بالتائبين خيراً، هؤلاء التائبون الذين قدموا إلى طريق التوبة، وهم يشعرون بغاية الندم والأسى والأسف والحزن على ما مضى، والجلوس معهم أيها الإخوة يزيد الإيمان .. جرب هذا، قم واجلس مع شخص تاب الآن في هذه الأيام، اجلس معه سيزيد إيمانك فعلاً، ولو اهتديت قبله بسنوات طويلة، ولكن الواحد يصيبه البرود عبر الزمن حتى الأشخاص الصالحين، إذا جلست مع هؤلاء التائبين الجدد ستشعر بزيادة في الإيمان؛ لأنه شخص مقبل على الله يشعر بالندم والأسف، يريد الازدياد من الأعمال الصالحة. ولذلك بعضهم يجرؤ على أعمال صالحة ويستطيعها، أو يقبل عليها ما لا يقبل عليها شخص صالح له في الطريق سنوات طويلة؛ لأنه جاء متحمساً لاستدراك ما فات، ولابد من فعل الحسنات لتمحو السيئات الماضيات. ولذلك تجد من يقول: أريد أن أذهب لأعتمر وأحج وأعتكف وأصوم، أنا أصوم الإثنين والخميس، أنا أصوم يوماً وأترك يوماً، يفعل أشياء كثيرة جداً، قد يقرأ القرآن كثيراً، قد يبكي من خشية الله، فلو جعلت تائباً الآن في هذه المرحلة الجديدة من حياته إماماً للناس، لوجدت أن القلوب تخشع وراءه في الصلاة وهو يتلو القرآن ما لا تخشع وراء رجل سار لسنوات في طريق الهداية في بعض الأحيان. لأن هذه النفسية المقبلة على الله، والتي تحس بما أجرمت في الماضي مشحونة بالإيمان، ولذلك يمكن حتى الدعاة إلى الله أن يستفيدوا منها بزيادة إيمانهم من الجلوس مع مثل هذه النوعيات من الناس، جدد إيمانك، واجلس مع تائب توبته لازالت طرية. وهؤلاء القادمون الجدد في طريق التوبة يحدث في نفوسهم من الانكسار والضعف لله رب العالمين ما يجعلهم قريبين لله جداً، وبعض هؤلاء مما يحمسهم في الأعمال الصالحة أنه يضع ذنبه نصب عينيه، فهو يراه دائماً إن قام وإن قعد، وإن مشى وإن أكل، وإن أراد أن ينام. هذا الشخص التائب يكون هذا الذنب الذي ارتكبه دافعاً في قلبه ليحيي في هذا القلب الخوف من الله، والحياء منه، والانطراح بين يديه، والانكسار، وطأطأة الرأس. ولذلك تجد عند هؤلاء التائبين الجدد من البكاء من خشية الله والخشوع ما لا تجده عند بعض القدماء من الصالحين، وقد يبلغ الأمر أن الشيطان يتندم أنه أوقعه في هذا الذنب، فيقول: يا ليتني لم أوقعه فيه؛ لأن هذا الذنب هو الذي كان سبباً في التوبة وازدياد الحسنات واستدراكها. أضف إلى ذلك أنك تجد عند هؤلاء من الهمة في الأعمال الصالحة ما لا تجده عند شخص سار في طريق العبادة سنوات، لأنه مندفع ومتحمس كما ذكرنا.

ستر المذنب منهم

استوصوا بالتائبين خيراً، ماذا يمكن أن نفعل أيضاً بالنسبة لهؤلاء الأشخاص؟ من الأمور المهمة ستر ذنوبهم وزلاتهم الماضية، وإسدال الستار تماماً على ما مضى من حياتهم، وطي صفحاتهم السابقة بالكلية، والمقصود هو سترهم، فأي مذنب تاب لابد أن تستره: (من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة) ومن أسماء الله الستير، وهي صيغة مبالغة من ستر (إن الله حيي ستير) غفار أي: يغفر، المؤمن أي: يؤمن أولياءه من العقاب يوم القيامة يؤمنهم فلا يعاقبهم، وستير: أي: يستر على عباده. ولذلك ورد في الحديث الصحيح: ( .. يبيت يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عليه) هؤلاء هم المجاهرون بالمعصية. ولذلك يأتي الله يوم القيامة بالعبد المؤمن ليس بينه وبينه ترجمان، فيقرره بذنوبه فيقول الله لعبده: فعلت كذا وكذا في يوم كذا وكذا، فيقرره بذنوبه لا يستطيع العبد أن ينكر منها شيئاً، حتى إذا رأى العبد ألا مجال له في النجاة أبداً، وأن الذنوب عدت كلها عليه من ربه وأيس، قال الله له: إني قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أسترها عليك يوم القيامة، ثم يدخله الجنة، اللهم اجعلنا منهم. فإذاً الله عز وجل من أسمائه الستير، فهو يستر عباده، والشريعة تدعو لستر المذنب والتائب، ولا يجوز بأي حال من الأحوال نبش ماضيه، ولا التكلم بسيئاته الماضية، ولا فضح معاصيه السابقة، ولا التشهير به مطلقاً، لا يجوز ذلك أبداً، وفضحه والتشهير به وهو تائب من إعانة الشيطان عليه، وهذا المشهر الفاضح قد يفضحه الله يوم القيامة جزاءً وفاقاً بما أساء لأخيه المسلم التائب. ولذلك فإننا نقول لبعض الناس: بعض الإخوان

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير