تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الإلهية، فالله، قادر على كل شيء، ولو على تلك المقالة التي يستحي معتنقها من ذكرها فضلا عن جاحدها، أو بالتسليم لأن: الإيمان فوق المناقشة، فتلك من ضمن أسرار الكهنوت، وأسرار الكهنوت لا يفهمها الحمير أمثالنا!.

إن ملة تقام على مجموعة من الأسرار التي لا يعرفها إلا آحاد المكلفين: التثليث، العشاء الرباني الذي يتحول فيه الخمر والخبز إلى دم ولحم المسيح عليه السلام، ولا تسأل أيضا كيف، فلهم من القوانين الكيميائية والبيولوجية ما يخالف السنن الكونية الجارية، فتلك أمور لا تخضع إلى سنة شرعية أو كونية، فلا مستند لها من نقل أو عقل، بل مستندها الوحيد كما تقدم: أن الله، عز وجل، على كل شيء قدير، ولو على قتل نفسه على خشبة الصلب، وتحويل أجساد الأنبياء إلى فضلات في أمعاء المكلفين ........... إلخ فقائمة الأسرار طويلة، ولا يهم أن توافق تلك الأسرار: صحيح النقل وصريح العقل، والأنبياء، عليهم السلام، كما قرر أهل العلم لا تأتي بمحالات العقول التي تفترضها العقول افتراضا محضا، وإنما تأتي بأمور من الغيب: تتصورها العقول وإن كانت تحار في كيفيتها.

والشريعة: ظاهرة المعاني لا لبس فيها إذ لم يمتحن الله، عز وجل، المكلفين بتأويل ألفاظ كألفاظ نشيد الإنشاد، تأويلات متكلفة لا أصل لها في كلام الأنبياء أو أقيسة العقول الصريحة، تجعل الشريعة مثار السخرية، كما وقع لأختنا لما جهرت بتلك النصوص المخالفة للشرع والعقل والأخلاق والذوق العام، ومع ذلك يعتمدها البعض أصولا، يتعبد بها، فهي عقائد علمية يلزم المكلف انتحالها ليقع له الخلاص ويدخل ملكوت الرب يسوع!.

ومن أعظم مفاسد التأويل أنه قد صار حجة لغلاة الباطنية من أهل القبلة كغلاة الصوفية من سار على شاكلتهم، فقد تأولوا ظاهر الشريعة المحكم، فجعلوا الأحكام العملية الظاهرة رموزا لأمور باطنية خفية، فالصلاة: ذكر أسماء الأئمة، والصيام: عدم إفشاء سرهم، والجنابة: إفشاؤه، والحج: قصد أئمتهم ............. إلخ، فالتأويل باختصار: معول هدم للدين بأكمله: أصوله وفروعه.

والأمر، كما ذكر بعض المحققين من أهل العلم، دائر بين: التكذيب تارة، والتأويل أخرى، فإما أن يكذب الوحي ابتداء ويرتاح الإنسان!، وإما أن يجهد نفسه يتخريج ألفاظه على معان تثير السخرية والأسى في نفس الوقت.

وقد ذكرت الأخت، حفظها الله وسددها، نماذج من رد ذلك العالم اللاهوتي الذي راسلته، فلم يجد إلا ساحة تأويلات الصوفية ملجأ، فهي ساحة واسعة جدا تحتمل، هي الأخرى، كل لفظ خارج فتصيره دينا، إذ للشريعة باطن لا يعلمه إلا الخواص، وكلام العشاق يطوى ولا يحكى!، فلا تحتمله كل الألباب، فالعاشق لا يؤاخذ إذا أساء الأدب مع الله، عز وجل، لأنه عاشق قد أذهب العشق الإلهي لبه، فصار يتلفظ بالكفر البواح، ومع ذلك فهو معدود من جملة الأولياء بل خواص الأولياء، مع أنه أخطأ الاستدلال بكلام رابعة العدوية، رحمها الله، فكلامها يحتمل التخريج على معان صحيحة وإن وقع فيه بعض التجاوز، فلو أراد مزيد نكاية، ولا نكاية عند التحقيق إذ تلك الشطحات ليست من دين الله عز وجل في شيء أصلا ليحتج بها على الإسلام وإنما يحتج بها على قائلها، لو أراد ذلك لاستشهد بكلام أمثال: الشيخ ابن عربي، صاحب الفتوحات التي أغلقت منافذ الهدى في وجه طلابه، فقد وصلت تأويلاته حد اتحاد الله، عز وجل، بكل الأعيان، وإن سفلت، فهو صورة فرعون جلالا، وصورة العاشقة جمالا!!، حتى حكي عنهم التواصل مع الإله في صورة العاشقة، فليس الزنى إلا صورة من صور اللحمة بين الرب والعبد!، وهي أخبث مقالة قيلت في الإلهيات فمقالة النصارى خير منها لأنهم، على أقل تقدير، قالوا باتحاد الإله بذات المسيح عليه السلام، وهي ذات شريفة، مع أن الكل باطل، ولكن الباطل دركات، وباطل الاتحادية أعظم، مع كونهم معدودين من أهل القبلة، بل من خواص أهل القبلة عند شرائح كبيرة من المسلمين المضللين الذي لا يعرفون سر الشيخ: قبح الله سره!، وحجة المنكر: أنت رجل لا نصيب لك في الحقائق الإلهية، بل غايتك أن تقف على أعتاب ظاهر الشريعة: الصلاة، الصيام، الزكاة، الحج .......... إلخ، فما لأمثالك والحقائق التي لا يدرك كنهها إلا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير