تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الخواص، وما حاجتهم إلى ما تعانيه من ظاهر الشريعة وقد وصلوا وكشف لهم الحجاب وخاضوا بحارا وقف الأنبياء على سواحلها!، وهو، كما قالوا للأخت لما حيرتهم بأسئلتها العقلية الملزمة، فنقضت مقالتهم وأبطلت حجتهم: إنت مش فاهمة حاجة!، فتلك، كما تقدم، أسرار لا يفهمها إلا السادة، وعلى الأتباع أن يتحولوا إلى قطعان من الغنم تسير خلف الراعي الصالح! الذي يقودها في رحلة الخلاص، وهي عند التحقيق: رحلة الهلاك.

وقل مثل ذلك في استظهارهم بمقالات أهل البدع الذين يطعنون في عرض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالطعن في زوجاته أمهات المؤمنين، وصحابته خير طباق العالمين، فيلصقون بهم تهما يأنف منها آحاد المكلفين من كفر وزنى، بل وشذوذ، وكلام آياتهم الشيطانية في ذلك أشهر من أن يذكر، فضلا عن الطعن في نقل القرآن، وهو مادة دسمة للنصارى يحتجون بها على أهل الإسلام، للتسوية بين نقل القرآن المتواتر، والإنجيل الذي لا أصل له بلغة المسيح عليه السلام، من نزل عليه، فضلا عن تأخر تدوينه، بترجمات تتفاوت تبعا لتفاوت عقول المترجمين .............. إلخ من الأمور التي لا ينكرها علماء اللاهوت أنفسهم، ولا حجة لهم عند التحقيق، إذ ليس ذلك، هو الآخر، من كلام المسلمين، بل من صرح به أو التزمه فهو من المرتدين، فلا نصيب له في الإسلام أصلا ليحتج بكلامه.

ومن مجموع الفتاوى: الحادثة الشهيرة التي وقعت لابن تيمية، رحمه الله، مع مجموعة من قساوسة النصارى: لما كان الشيخ في قاعة الترسيم، (الحبس)، فدخل إلى عنده ثلاثة رهبان من الصعيد فناظرهم وأقام عليهم الحجة بأنهم كفار وما هم على الذي كان عليه إبراهيم والمسيح. فقالوا له: نحن نعمل مثل ما تعملون: أنتم تقولون بالسيدة نفيسة ونحن نقول بالسيدة مريم وقد أجمعنا نحن وأنتم على أن المسيح ومريم أفضل من الحسين ومن نفيسة وأنتم تستغيثون بالصالحين الذين قبلكم ونحن كذلك.

فقال لهم: وإن من فعل ذلك ففيه شبه منكم وهذا ما هو دين إبراهيم الذي كان عليه فإن الدين الذي كان عليه إبراهيم عليه السلام أن لا نعبد إلا الله وحده لا شريك له ولا ند له ولا صاحبة له ولا ولد له ولا نشرك معه ملكا ولا شمسا ولا قمرا ولا كوكبا ولا نشرك معه نبيا من الأنبياء ولا صالحا {إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا}. وأن الأمور التي لا يقدر عليها غير الله لا تطلب من غيره مثل إنزال المطر وإنبات النبات وتفريج الكربات والهدى من الضلالات وغفران الذنوب؛ فإنه لا يقدر أحد من جميع الخلق على ذلك ولا يقدر عليه إلا الله. والأنبياء عليهم الصلاة والسلام نؤمن بهم ونعظمهم ونوقرهم ونتبعهم ونصدقهم في جميع ما جاءوا به ونطيعهم. كما قال نوح؛ وصالح وهود وشعيب: {أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون} فجعلوا العبادة والتقوى لله وحده؛ والطاعة لهم؛ فإن طاعتهم من طاعة الله. فلو كفر أحد بنبي من الأنبياء وآمن بالجميع ما ينفعه إيمانه حتى يؤمن بذلك النبي؛ وكذلك لو آمن بجميع الكتب وكفر بكتاب كان كافرا حتى يؤمن بذلك الكتاب وكذلك الملائكة واليوم الآخر فلما سمعوا ذلك منه قالوا: الدين الذي ذكرته خير من الدين الذي نحن وهؤلاء عليه. ثم انصرفوا من عنده. اهـ

فاحتجاجهم من الناحية العقلية صحيح، ولكن من قال بأنه ملزم لأهل الإسلام الصحيح، إنه لا يلزم عند التحقيق، إلا من كان متلبسا ببدعة دعاء الأنبياء والأولياء والصالحين من دون الله، عز وجل، وليس ذلك من الإسلام في شيء ليقدح فيه أو يسوي بينه وبين طرائق الغلاة من النصارى وأضرابهم.

وخطورة أهل البدع، لا سيما المغلظة، على دين الإسلام، أشهر من أن تذكر، فهم يوفرون غطاء علميا ودعما لوجستيا، بلغة العسكر، لكل قادح في الملة الخاتمة.

يقول ابن القيم، رحمه الله، في "إغاثة اللهفان":

"ولقد دعونا نحن وغيرنا كثيرا من أهل الكتاب إلى الإسلام، فأخبروا أن المانع لهم ما يرون عليه المنتسبين إلى الإسلام، ممن يعظمهم الجهال: من البدع والظلم، والفجور والمكر والاحتيال، ونسبة ذلك إلى الشرع ولمن جاء به. فساء ظنهم بالشرع وبمن جاء به. فالله طليب قطاع طريق الله، وحسيبهم". اهـ

وهل ذلك إلا حال أهل البدع في كل الأعصار والأمصار؟!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير