تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 03 - 2010, 07:53 ص]ـ

وعودة إلى سورة الأنعام:

ومن قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ):

فالتعريف بالموصولية مئنة من العناية بتقرير المعنى الذي اشتقت منه جملة الصلة فهو محط الفائدة، إذ وقع الإخبار به عن ضمير الرب، جل وعلا، فهو الذي أنزل من السماء ماء، فذلك سبب الحياة، كما جاء في موضع آخر من التنزيل: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)، فكان خروج الزرع به على الفور، مئنة من كمال قدرة وحكمة الرب، جل وعلا، فحكمته بتعليق المسبب على سببه، وقدرته في إنفاذ القوى المؤثرة في السبب لتعمل في البذر بالإنبات فتخرج المسبب من شتى صنوف الزرع الذي ينتفع به الآدمي والحيوان والطير، فالزرع خارج بإذن ربه الكوني، فتلك العلة الأولى التي لا علة لها، فكلماته، عز وجل، غير مخلوقة، فهي وصف من أوصافه، فلا يكون وراءها علة أخرى، وإنما صدرت عنه بمقتضى وصف كماله، فصدرت منه بمقتضى كمال علمه المحيط بما ينزل من السماء وما يخرج من الأرض، وكمال حكمته في تعليق المسبب على سببه، وكمال قدرته في إنفاذ السبب فيؤدي إلى مسببه فلا يكون ذلك، كما تقدم، إلا بإذنه الكوني النافذ.

ثم جاء الإطناب في ذكر أصناف الزرع فذلك أبلغ في تقرير دلالة الإيجاد المعجز بإخراج شتى صنوف النبت بماء واحد، فيباشر مكامن الحياة في كل بذر فيخرج منه ثمر بعينه فلا تختلط الثمار، إذ لكل سنة كونية تخصه، فلكل محتوى جيني يناسب وصفه: حجما ووزنا ولونا وشكلا ....... إلخ، ولكل زمن إنبات يخصه، ولكل حاجة إلى الماء تناسب ثمره فمن الزرع ما يحتاج إلى التعاهد بالسقي، ومنه ما لا يحتاج بل السقي قد يفسد ثمره، وذلك التنوع الباهر مئنة من كمال قدرة الرب البديع تبارك وتعالى.

فسنة الإنبات واحدة، وذلك مئنة من أحدية الرب، جل وعلا، في ذاته ووصفه، وصوره متنوعة فذلك مئنة من كمال قدرته تبارك وتعالى.

وهو أبلغ في دلالة العناية فتلك الثمار مما امتن به الرب، جل وعلا، على خلقه بشرا كانوا أو حيوانا أو طيرا، فلكل منه نصيبه، ولكل منه ما يلائم قوى التغذي والهضم فيه.

ولذلك جاء الأمر بالنظر تدبرا، فانظروا بالباصرة إلى الثمر، وانظروا بالبصيرة في سنة إيجاده وإعداده لتنتفع به الخلائق، ولا يخلو الأمر من دلالته الوضعية على الوجوب، ففيه الأمر وجوبا في معرض تقرير كمال ربوبيته، جل وعلا، إيجادا وعناية، وفيه الأمر إرشادا إلى النظر في تلك الآيات الكونية الباهرة، التي يغفل عنها كثير من المكلفين مع مباشرتهم لها في كل يوم، فالتغذي على نبت الأرض أو ما ينتجه من الثمر أمر ضروري لكل حي ليحفظ بدنه من التغير والفساد.

ثم جاء التذييل بالعلة فما تقدم ذكره من آيات ربوبية الإيجاد والعناية ذريعة إلى الإيمان، فـ: (إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)، على ما اطرد من التلازم الوثيق بين الربوبية والألوهية، فكمال انفراده، جل وعلا، بأفعال الربوبية ذريعة إلى إفراده، عز وجل، بأفعال الألوهية. وفيه تعريض بمن لم يعتبر بتلك الآيات الكونيات الباهرة، بدليل خطاب العلة فهي آيات للمؤمنين منطوقا، وليس بذلك لغيرهم مفهوما، وغيرهم يشمل الفساق ممن نقص إيمانهم ومن دونهم من الكفار الأصليين فلكل نصيبه من الغفلة بقدر بعده عن وصف الإيمان الذي لا يعرف حده إلا من طريق النبوات، فهي المعيار الحاكم على المكلفين في مثل تلك المضائق.

والله أعلى وأعلم.

ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[08 - 03 - 2010, 12:15 ص]ـ

والله إني لأحبك في الله ..

جزاك الله خيراً أخي مهاجرا ..

بارك الله فيك وفي مداد قلمك ...

احترامي وتقديري

ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 03 - 2010, 08:10 ص]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير