ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[21 - 08 - 2009, 04:57 م]ـ
بارك الله فيكم
العبادة المهجورة
الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة - مكة المكرمة
عصام بن عبد المحسن الحميدان
إن من العبادات التي هجرها الكثيرون في هذا الزمان عبادة التفكر في آيات الله تعالى الكونية التي دعا إليها القرآن الكريم والسنة النبوية والسلف الصالح.
وهذا الهجر سبّب خللا في الوعي الإسلامي، إذ أصبحنا نهتم بأمور هي دون عبادة التفكر في الاعتبار الشرعي والفائدة المرجوة، ولعل ما تقوم به هيئة الإعجاز العملي في القرآن والسنة من البحوث والمؤتمرات والندوات والمقالات والتشجيع على البحث في مجالات علمية وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية يساهم في إحياء هذه العبادة العلمية التي هي من أولى العبادات الموصلة إلى الارتقاء بالمستوى الإيماني للمسلم المعاصر.
هل التفكر عبادة؟
والجواب بلا شك: نعم. وتعليل ذلك من وجوه:
التعليل الأول: لأن الله تعالى مدح المتفكرين في كتابه بقوله {إِنّ فِي خَلْقِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفِ الْلّيْلِ وَالنّهَارِ لاَيَاتٍ لاُوْلِي الألْبَابِ، الّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكّرُونَ فِي خَلْقِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ رَبّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النّارِ} [آل عمران:190، 191].
وختم الله تعالى ثلاث عشرة آية من كتابة بلفظ {تتفكرون} أو {يتفكرون} مما يصور أهمية الأمر.
وقال سبحانه: {أَوَلَمْ يَتَفَكّرُواْ} [الأعراف 184] وفال عز وجل: {وَفِيَ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} [سورة الذاريات 21] والبصر هنا بمعنى التفكر.
وقال سبحانه {قُلْ إِنّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلّهِ مَثْنَىَ وَفُرَادَىَ ثُمّ تَتَفَكّرُواْ} [سورة سبأ 46] فأمرهم بالقيام من اجل التهيؤ للتفكر، فالتفكر هو الموعظة المقصودة هنا بالرغم من وجود مواعظ أخرى.
والتعليل الثاني: لان الله ذكر في اكثر من 250 آية من القرآن الكريم صورا مختلفة للكون الذي يحيط بنا في سماواته وأرضه وفي جباله وبحاره وأنهاره وفي مخلوقاته من الجن والإنس والطير والدواب وفي هوائه وسحابه وأمطاره وفي أحداثه وتغيراته وفي حاضره وماضيه وفي مشاعره وتسبيحاته. أترى هذا الكم الكبير من الآيات – التي تفوق الآيات المتحدثة عن الأحكام الفقهية – ذكرت عرضا أو للقراءة المجردة فحسب؟!
والتعليل الثالث: إن الله تعالى ذم معطلي العقول والأفكار، وشن عليهم حملة في آيات عدة من كتابه العزيز؛ فقال سبحانه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا} (لقمان 21)، وقال عز وجل: {وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مّن نّذِيرٍ إِلاّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا عَلَىَ أُمّةٍ وَإِنّا عَلَىَ آثَارِهِم مّقْتَدُونَ , قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىَ مِمّا وَجَدتّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ قَالُوَاْ إِنّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ , فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذّبِينَ} [الزخرف 23 - 25].
فجعل تعطيل العقل – التقليد الأعمى – سببا للتكذيب والكفرثم سوء العاقبة.
والتعليل الرابع: أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يتفكر في آيات الله عز وجل، فيقلب وجهه في السماء، وقد قال مرة لأصحابه:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته" [البخاري ومسلم].
وكان يأمر أصحابه بالتفكر فيقول:" تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله" أخرجه أبو الشيخ في العظمة 1/ 210 و الطبراني و البيهقي في الشعب عن ابن عمر و حسنه السخاوي , و له طرق أخرى.
وكان أصحابه رضي الله عنهم كذلك، قيل لأم الدرداء: ما كان افضل عمل أبي الدرداء؟ قالت التفكر.
وكان التابعون كذلك. قال بن القيم رحمه الله: قال بعض السلف: تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة [البخاري ومسلم].
وقال الحسن: إن من افضل العمل الورع والتفكير.
¥