تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال مولى سعيد بن المسيب: ما رأيت احسن مما يصنع هؤلاء، قال: وما يصنعون؟، قال: يصلي أحدهم الظهر ثم لا يزال صافا رجليه حتى يصلي العصر، قال: ويحك! أما والله ما هي العبادة؛ إنما العبادة التفكر في أمر الله، والكف عن محارم الله أخرجه أبو الشيخ في العظمة 1/ 210 والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن عمر وحسنه السخاوي، وله طرق أخرى.

فوائد التفكر:

للتفكر الشرعي الذي أمر الله به فوائد عدة، فمن فوائده:

1) يجدد الإيمان ويزيده: قال ابن القيم رحمه الله: التفكر يكشف حقائق الأمور ويميز مراتبها في الخير والشر ومعرفة المفضول من الفاضل، والتفكر يزيد الإيمان أكثر مما يزيده العمل.

2) التفكر من أعمال القلب، وأعمال القلب افضل من أعمال الجوارح باتفاق العلماء.

3) يبعث على التواضع أمام عظمة الله تبارك وتعالى، ويبعث على حسن الظن بالله عز وجل.

4) يؤدي إلى العمل بآيات كثيرة من كتاب الله تعالي والعمل بسنة النبي صلى الله عليه و سلم.

5) يفتح آفاق العلم و الإيمان مما لم يكن معلوما قبل ذلك؛ لان الفكرة تجر الفكرة.

ضوابط التفكر:

ينبغي ألا يصل التفكر إلى حد الخروج عما لم يحط الإنسان بعلمه، أو الخروج عما ينبني تحته عمل، أو تصور أمور لا يمكن تصورها لأنها لا تخضع لمقاييسنا كالقبر وما فيه والآخرة ما فيها والملأ الأعلى وما يخصه، فان ذلك قد يؤدي إلى الوسوسة والشك، وهذا ما حذر النبي صلى الله عليه و سلم منه في قوله:" تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله".

وقال عليه السلام:" إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول: من خلق السموات؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الأرض؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الله؟ فإذا أحس أحدكم من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله ورسوله" [أخرجه أبو الشيخ في العظمة 1/ 303 والإمام احمد في الزهد بسند صحيح].

وإذا كنا في حياتنا لا نفهم أشياء كثيرة نعايشها كالروح، والحواس وحدودها، والعقل وماهيته، والمشاعر والنفسيات، وكثيرا مما يحتويه الجسم من وظائف وأعضاء دقيقة، وبعض مراحل التخلق الجنيني، والرسالة النبوية وطبيعتها، والتخاطب عن بعد، والأقدار الإلهية، والرؤيا والأحلام .. وغيرها، فان هذا مما يمنعنا من التطاول فوق حدود المعقول

وختاما: ً

إن لكل غاية وسائل، إذا تعاطاها الإنسان وصل إلى تلك الغاية التي يريدها، ومن جملة ذرائع التفكر ما يأتي:

1) الممارسة والتعود، ولا ينبغي أن يكون كر الأيام وتتابع الأحداث المتشابهة عائقا لنا عن التفكر، فان في خلق الله عز وجل من العجائب ما لو وقف عليه المرء لأدرك عظمة خالقه واكتشف قدرته وإبداعه، إلا انه يحتاج إلى فكر ثاقب واجتهاد وخشية لله تعالى.

2) مخالطة العلماء الربانيين الذين أدركوا حقيقة التفكر المشروع، أو الاطلاع على أبحاثهم وكتبهم.

3) التخلص من الذنوب، والإقلال منها بقدر المستطاع؛ فان المعصية تحجب الفكرة.

4) الاجتهاد في الطاعة واستحضار الخشوع والبكاء من خشية الله.

5) ترك ما لا ينبغي من الأقوال والأحوال والأعمال.

ـ[أبوأيوب]ــــــــ[23 - 08 - 2009, 12:52 ص]ـ

الحمد لله ربنا وصلى الله وسلم على نبينا وآله وصحبه وسلم

لا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر

فإنه جامع لجميع منازل السائرين، وأحوال العاملين، ومقامات العارفين.

وهو الذي يورث المحبة والشوق والخوف والرجاء والإنابة والتوكل والرضا والتفويض والشكر والصبر وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله، وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة، والتي بها فساد القلب وهلاكه.

فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها.

فإذا قرأه بتفكر حتى مر بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة، ولو ليلة.

فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان، وذوق حلاوة القرآن.

وهذه كانت عادة السلف يردد أحدهم الآية إلى الصباح.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام بآية يرددها حتى الصباح وهي قوله تعالى: " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ".

فقراءة القرآن بالتفكر هي أصل صلاح القلب

ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: لا تهذوا القرآن هذّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، وقفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، لا يكن هَمُّ أحدكم آخر السورة

وروى أبو أيوب عن أبي جمرة قال: قلت لابن عباس: إني سريع القراءة إني أقرأ القرآن في ثلاث. قال: لأن أقرأ سورة من القرآن في ليلة، فأتدبرها، وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كما تقرأ.

والتفكر في القرآن نوعان:

تفكر فيه ليقع على مراد الرب تعالى منه، وتفكر في معاني ما دعا عباده إلى التفكر فيه.

فالأول تفكر في الدليل القرآني، والثاني تفكر في الدليل العياني.

الأول تفكر في آياته المسموعة، والثاني تفكر في آياته المشهودة.

ولهذا أنزل الله القرآن؛ ليتدبر، ويتفكر فيه، ويعمل به. لا لمجرد تلاوته مع الإعراض عنه.

قال الحسن البصري رحمه الله: أُنزل القرآنُ؛ ليعمل به. فاتخذوا تلاوته عملا.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على النبي الأمين وآله وصحبه أجمعين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير