تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لمخالفة الشرع المنزل، على أوضاع المرأة الأوروبية قبل وبعد: حرب التحرير! التي شنتها أوروبا على الكنيسة التي اضطهدت بنصوصها المرأة، فلا بد من شن حرب مماثلة على الإسلام الذي أعطى المرأة حقوقها الشرعية، لا بد من شن تلك الحرب لتلحق المرأة المسلمة بركاب نظيرتها الأوروبية ولو في الخروج عن حدود الشرع والأخلاق، وتكلف ما لا يليق بها من طبائع الذكور، فصار الأصل الظهور والاشتهار، لا الكمون والاستتار الذي يناسب فطرة النساء قبل تلطخها بمقررات الحرية المعاصرة، ونساء أوروبا يتمنين الآن، ولات حين مندم، الرجوع إلى البيت في الوقت الذي تصر فيه المرأة المسلمة على خوض التجربة كاملة ولو كانت نتائجها معروفة سلفا، فقد كفتها المرأة الأوروبية مؤنة ذلك.

فلا بد من إظهار الانتصار لها، برسم الشرع، أيضا، إذ كيف يتصور أن يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو صاحب المقام الإنساني الرفيع، وذلك مما اطرد من طريقتهم في الاستدراج، كيف يتصور أن يرد عنه حديث من قبيل: (لا يحل لامرأة أن تمنع زوجها ولو على ظهر قتب)

والحديث، وإن كان متكلما في إسناده، وقد ورد موقوفا على ابن عمر، رضي الله عنهما، بلفظ: (حق الزوج على الزوجة أن لا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب، وأن لا تصوم يوما واحدا إلا بإذنه إلا الفريضة، فإن فعلت أثمت ولا يتقبل منها شيء إلا بإذنه، فإن فعلت كان له الأجر وكان عليها الوزر، وأن لا تخرج من بيته إلا بإذنه، فإن فعلت لعنها الله وملائكة الغضب حتى تتوب أو تراجع، قيل: وإن كان ظالما؟ قال: وإن كان ظالما)، إلا أن معناه صحيح، إذ تحمل "لو" فيه على المبالغة، وهي التي اصطلح البلاغيون على تسميتها بـ: "لو" الوصلية التي تفيد المبالغة على حد قوله تعالى: (فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به)، وحديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: (إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ)، وفي رواية للبخاري رحمه الله: (وَلَوْ لِحَبَشِي كَأَنَّ رَأْسَه زَبِيبَة)، على أحد أقوال أهل العلم في تفسير هذا الحديث فهو محمول على المبالغة في الطاعة في غير المعصية درءا لمفسدة الخروج على أئمة الجور.

فكذلك "لو" في الحديث محل البحث: فقد وردت في سياق التوكيد على حق الزوج، ولا يلزم من ذلك تحقق الصورة المذكورة بعينها، على أنه لا إشكال في ذلك، أيضا، إذ حق الزوج على زوجته، إن انتفى المانع الشرعي من حيض ونحوه، والمانع العادي من وجود أجنبي ونحوه، من آكد الحقوق، فلو دعاها إلى فراشه في سفر أو حضر وجب عليها إجابته، إذ ذلك من تمام ديانتها، لا من نقصان مروءته كما يروج أولئك.

وطرحهم، كما تقدم، طرح رديء، وإن استتر ببعض النصوص لئلا يفتضح عواره.

ولسان مقالهم: "نزهوا القرآن عن أمور الدنيا يا جماعة! "، وهي دعوى فحواها: نزهوا القرآن عن القيادة فاجعلوه في علب القطيفة الفاخرة التي تقبل في المناسبات على طريقة الرؤساء في تلقيهم الهدايا التذكارية، إذ يسارعون بتقبيله وإن كانوا ينقضون أحكامه نقضا بسياساتهم وشرائعهم الجائرة.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير