تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهم مع ذلك باالنسبة إلى جملة المنتسبين إلى العلم: قلة، وإنما كثرهم في العيون ظهورهم وتصدرهم في مقابل حجب أهل الحق أو تواريهم في زمن الفتن التي تصير فيها العزلة الإيجابية خيرا من الخلطة السلبية التي تشتت قوى القلب العلمية والعملية على تفصيل في مشروعية ذلك ليس هذا موضعه، فكلٌ طبيب نفسه، فهو أدرى بما يصلح قلبه من العزلة أو الخلطة.

فالواقع شاهد بأن كل خير في علماء الأمم الأخرى فهو في علماء المسلمين أظهر وأعظم، وكل شر في أولئك، فهو في علماء المسلمين أخفى وأصغر، فهم مع عظم تقصيرهم، لم يتواتر من أنباء شذوذهم ما تواتر من أنباء شذوذ أولئك!، ولم تفح من مساجدهم رائحة الفضائح التي زكمت أنوف مرتادي الكنائس والأديرة!.

ومع تخاذل أولئك المنتسيبن إلى العلم وإعطائهم الدنية في الدين، وإظهار السماحة على حد البله!، لم يقنع العلمانيون منهم بذلك، بل أغراهم ذلك بمتابعة الحملة الشرسة على الدين وأهله، فمن نطق بالحق فسيف الأصولية والرجعية في وجهه مشرع، ولن ينفعه رصيده السابق عندهم من المداهنة الباردة، فليسوا أهل فضل ومروءة ليحفظوا الجميل!. وتخاذل أهل الحق هو الذي أغرى أهل الباطل فاستطالوا وأظهروا المنابذة للملة، ولو وجدوا من يردعهم لفروا إلى جحورهم كحالهم في عصور القوة والعزة.

ومن أبرز معالم هذا التيار العلماني:

إظهار تعظيم الإسلام والانتصار له وإبطان عداوته: فلا يخلو كلام العلماني من إشارات دينية يستميل بها القلوب، فهو ينتصر للملة، ولو بإبطالها!، فيريد لهذه الأمة العزة والتمكين على حد قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا)، وهو يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلن يكلفه ذلك إلا تحريك لسانه بقول ينقضه فعله، فهو من أشد الناس عداوة لسنته وطريقته، وإن لهج لسانه بالصلاة والسلام عليه. وهو الذي يريد تخليص نصوص الوحي من قيود فقهاء الظاهر الذين جمدوا على النصوص، فلديه رؤى معاصرة لفهم النص القرآني، هي، كما تقدم، إبطال له بإخضاعه لأقيسة العقل المضطربة، وتنحية السنة عن مقام الشارح، إذ هي فهم راكبي الجمال، وقد دونت في عصور القهر والاستبداد، فالسلاطين قد حملوا العلماء على التزييف والتلفيق، كما حمل قسطنطين المتآمرين في نيقية على مقالة راقت له، والقياس الفاسد على أحوال بقية الأمم، كما تقدم، ملمح أصيل في طرائق العلمانيين، فليس لهذه الأمة أي فضيلة على بقية الأمم بل تستوي مع غيرها وإن اختصت بالرسالة الخاتمة!.

ومع ذلك التعظيم المفتعل للدين: لا بد أن يظهر الله، عز وجل، من فساد حالهم ما لا يدع مجالا للشك في فساد مقالتهم إلا في نفوس المرضى الذين يميلون إليهم. وتلك عادة الله، عز وجل، في فضح أعدائه، رحمة بعباده أن يضلوا بأمثال تلك المقالات الردية.

ومن أبرز معالمهم ذلك المنهج أيضا:

الاستقواء بالمرأة في زمن صارت الدولة لها فيه!، طبقا لمقررات مؤتمرات القاهرة وبكين، فلها من الحقوق ما جاوز قنطرة الشرع، ولا حد لطموحاتها الذكورية التي صيرتها ذكرا يصارع الرجال في شتى مناحي الحياة، ولو في قيادة الحافلات العامة والتنقيب عن الفحم في المناجم.

وذلك فرع عن قياس فاسد آخر: إذ كان للمرأة في مجتمعات أوروبا المتخلفة، مكانة متدنية، ونصوص الكنيسة حافلة بتحقير المرأة والحط من شأنها باعتبارها سببا في الخطيئة الأولى التي لطخت أدرانها البشرية كلها، فجاءت الثورة العلمانية باسم الحرية الآنفة الذكر، على ما اطرد من طريقتها في محادة الكنيسة لتعطي المرأة الحرية المطلقة، ولو في مباشرة الرذائل بمنأى عن حكم الشرائع والأعراف، فمن غلو في التحقير إلى غلو في التعظيم، فقاس العلمانيون أوضاع المرأة المسلمة، وقد أصابها من التدني ما أصابها في عصور الجمود الأخيرة لما ضعف سلطان الشرع على النفوس، فاستباح الرجال من حقوق النساء ما استباحوا، قاسوا تلك الأعراض التي ما ظهرت إلا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير