ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 01:53 ص]ـ
أتعلمين أي حزن يبعث المطر ..
إن التوجه بخطاب المرأة، يوحي بالخطاب العربي التقليدي، الذي يتم فيه افتتاح القصائد منذ العصر الجاهلي إلى عهد قريب بالتوجه دائماً إلى المرأة، سواء بندائها مباشرة أو بذكرها.
ومن النداء المباشر للمرأة قول عمرِو بنِ كُلْثُوم:
أَلا هُبِّي بصحنِكِ فاصبَحينا ولا تُبْقي خمورَ الأندرِينا
والأمثلة بعد ذلك كثيرة،
وفي الحالات كلها تكون المرأة فاعلة مؤثرة، فهي بصدّها تصنع الحزن والأرق والاكتئاب وتترك الديار خاوية، وهي بوصلها تمنح البِشْرْ والسعادة والهناءة.
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 06:10 ص]ـ
أرى بأن الشاعر بدر بن شاكر السياب رحمة الله
حين أنشد أنشودة المطر كأنه يقول لنا:
تصارعني الأحزان في كل ليلةٍ=فقلبي يدق وليس هنالك سامع
وحيدٌ أمسي أرى الظلام دامساً=ودموعي تضج النجوم اللوامع
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 06:22 ص]ـ
مطر
مطر
مطر ...
ـ[السراج]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 09:04 ص]ـ
نافذة رائعة لكسب الكلمات وسحب الأحرف على ثِقَلها ..
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
هي الأنثى - دائما - روح الشعر وأجنحة الحروف، هي شراع المراكب ونجوم الشعر .. وها هي عند السياب - والخطاب عن المُقَل - تبرقُ عيناها محبة وشوقاً وفرحة مع واهب المحبة والفرحة والحزن: المطر ..
ألم أقل لك أن هذا السياب يتلاعب دلالا بمعاني المطر فمرّة يحزن وأخرى يفرح وأخرى يوهب الحياة ...
وشدني هذا الخطاب، خطابه للأنثى بمقلتين يتجه نظرهما تأملا وتدفقا لمشاعر الفرح لشيء بعيد يحمله المطر.وصورهما كأسراب طيور بل كطائرين يطوفان مع المطر أينما حل، إنه لا يخاطب إلا مقلتين، مقلتي محبوبته ..
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 09:19 ص]ـ
بارك الله فيك أخي السراج
أخي أنت أديب فذ وكلماتك تعبر بصدق عن جمال تلك القصيدة
لا أقول لك سوى ما يقول الشاعر:
وجهي قراءةُ حزنٍ غالبتْ عطشي
يحكي لنزفِ يدي قانون إصراري
أنا دفعتُ دمي مهراً لحرف فمي
وصادروا من شفاهي لونَ أسفاري
تحية لك ولحرفك الندي
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 09:52 ص]ـ
يلاحظ تتابع تشبيهات عدة في القصيدة، عمادها جميعاً أداة التشبيه الكاف، وذلك في قول الشاعر:
بلا انتهاء، كالدم المراق، كالجياع
كالحب كالأطفال، كالموتى، هو المطر
وتتابع هذه التشبيهات مع اعتمادها على أداة تشبيه واحدة هي الكاف،
يستدعي على الفور بيتين للشاعر أبي القاسم الشابي في قصيدة له عنوانها: «صلوات في هيكل الحب «، وفيهما يقول:
عذبة أنت كالطفولة كالأحلام كاللحن كالصباح الجديد
كالسماء الضحوك كالليلة القمراء كالورد كابتسام الوليد
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 10:14 ص]ـ
كأن شاعرنا في أنشودة المطر يوحي لنا بالتالي:
آهِ يا شَوقي كَم أنا مُتعبُ الأمَل،
مُثقل بالتساؤلات وعاجز عن تحريرِ لغزِ عبثية الدنيا مِن مكنوناتِه،
أتقلَبُ مِثل النعشِ الراقصِ فوق الأكتاف،
يا عينُ فلتدمعي ولتذرفي مطراً وأحزاناً.
ـ[السراج]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 10:29 ص]ـ
وليدة لحظة ..
شكرا على إطراء لستُ من يستحقه.
لا أقول لك سوى ما يقول الشاعر:
وجهي قراءةُ حزنٍ غالبتْ عطشي
يحكي لنزفِ يدي قانون إصراري
أنا دفعتُ دمي مهراً لحرف فمي
وصادروا من شفاهي لونَ أسفاري
هذه الأبيات التي ادرجتيها هنا،
هي فعلا تحكي لي حياتي اختصارا ..
أما عن التشبيهات في هذا النص - أنشودة المطر - فهي كثيفة بكثافة نخيل العراق وصافية بصفاء دجلة والفرات.
بدأ بها قصيدته:
عيناك غابتا نخيل ساعة الشحر
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر
وتوالت، فتكثفت فأضحت سمةً تبينُ عن فقدٍ وحزنٍ لشيء كبير.
وبها يحاول هذا الشاعر أن يبني له خيالاً لوطن سعيد بنزول مطر يوما ما ..
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 10:45 ص]ـ
جزاك الله خيرا ولا حرمنا الله من مداد قلمك الجميل ..
وننتظر المزيد والمزيد ..
في قول شاعرنا:
عيناك غابتا نخيل ساعة الشحر
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر
العينان في مستهل القصيدة تبسمان، فتدب الحياة في الكون كله، فإذا الكروم تورق، وإذا الأضواء ترقص، فعيناها تبعثان الحياة. وهي بذلك توحي بعينين أخريين، تختلفان عنها الاختلاف كله، هما عينا ميدوزا، وكانت تحيل إلى حجر كل من تقع عليه نظرتهما، ومثل هذا الفرق يزيد من قوة الإحساس بالعينين اللتين بنظرتهما تدب الحياة في الكون.
والعينان اللتان تبعثان الحياة في الكون، فتخضر الكروم بعد يباس، تستدعي عشتار ربة الخصب والحب في الأساطير البابلية
ـ[السراج]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 12:22 م]ـ
هما عينا العراق بلا شك ..
وله سبب العشقِ هذا وللنخيل دلائلُ وللعراق إشارت، وهو يتثنى كما المرأة التي صوّر أجمل ما يعبر عنها: عيناها ..
بل وأذاب الألوان وأشعلَ الأضواء وأخفى الظلال وتخيّر أكثر الأجواء وأكثر الأوقات هدوءاً، إنه السحَر .. حتى تبدو اللوحة أكثر شاعرية وتغيب عنها متاعب البحث عن رموز وعن إيحاءات، هو أسبغ - فقط - الحس على معناه.
وماذا بعد، فالرموش تظهر إليه وكأنها غابتا نخيل .. (لم النخيل يا سيّاب)!
أو كأنها، شرفتان دخلهما الضوء ويبدو أنه غادرهما ونأى بعيدا ..
كنتُ أتوقع، أن البدء بمعزوفة غزلية في مطلع كل قصيدة أصبح من القديم، لكن السياب أكثر حذقا، فقد أجاد المزج.
¥