ويبدأ بالطواف، إذ هو تحية المسجد للقادم أول مرة، وبعد ذلك يصلي ركعتين عند دخول المسجد كأي مسجد آخر.
ولا يؤخره إلا إذا صادف دخوله صلاة مكتوبة فتقدم على الطواف أو خشي خروج وقتها إن طاف أولا.
وكان ابن عباس، رضي الله عنهما، يرفع يديه إذا رأى البيت، وكان عمر، رضي الله عنه، يقول: (اللهم أنت السلام ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام).
ويبدأ بالطواف متوضئا:
بأن يجعل البيت عن يساره، ويبدأ الطواف محاذيا الحجر الأسود، مستقبلا إياه بوجهه وجميع بدنه، مكبرا: (الله أكبر)، وأثر عن ابن عمر، رضي الله عنهما، التسمية مع التكبير فيقول: (بسم الله، الله أكبر)، ويكرر ذلك في كل شوط.
وينبغي أن يتنبه حامل الطفل الحاج أو المعتمر، فلا يحمله ووجهه إلى الكعبة بل يجعلها عن يساره أو يجعلها مما يلي ظهره، فيكون ظهره مقابلا لها كأن يحمله وهو نائم على كتفه، فينحرف به قليلا ليجعل الكعبة مقابلة لظهره على التفصيل السابق.
ويضطبع، بأن يكشف كتفه الأيمن، في طوافه كله.
ويرمل الرجال في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، (والرمل: هو الإسراع في المشي)، ويمشي بقية الأشواط مشيا عاديا بلا إسراع.
والركن التالي من البيت لركن الحجر الأسود هو: الركن اليماني، والدعاء المشروع بينهما: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).
ويسن له استلام الحجر الأسود بيده وتقبيله بفمه بلا صوت، والسجود عليه بوجهه، فإن لم يستطع تقبيله لزحام استلمه بيده أو بشيء فيها وقبل يده أو ذلك الشيء، فإن لم يتيسر له: أشار إليه بيده ولا يقبلها، فإذا وصل إلى الركن اليماني استلمه فإن لم يتيسر له ذلك فلا يشير إليه بل يمضي في طوافه فليس له من الفضل ما للحجر الأسود.
ولا يضره التفريق اليسير لعذر كأن يحدث فيذهب ليتوضأ، فإنه يبني على الأشواط التي طافها كاملة فلو أحدث في الشوط الثالث مثلا، قطع وذهب إلى الوضوء، ثم بنى على الشوطين السابقين فلا يعتد بما قطعه من الشوط الثالث، فتلزمه خمسة أشواط.
وكذلك لو أقيمت الصلاة وهو يطوف فيبني على ما قطع على التفصيل المتقدم.
ولا يضره أيضا: التفريق الكثير لعذر كأن يصاب بإعياء شديد فيجلس ليستريح فيطول زمن استراحته حتى يسترد قوته مرة أخرى فإنه يبني، أيضا، على ما قطعه من أشواط كاملة.
فإذا انتهى من الطواف: صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم إن تيسر له ذلك، ويقرأ أثناء توجهه إليه: "وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى"، فإن لم يتيسر ذلك فليصلهما في أي مكان ولو خارج المسجد، ويصليهما بعد أي طواف لو طاف مرة أخرى، وتسن قراءة سورة الكافرون في الركعة الأولى، وسورة الصمد في الركعة الثانية.
فإذا انتهى من ذلك سن له أن يذهب إلى زمزم فيشرب منها ثم يصب منها على رأسه.
ثم يرجع مرة أخرى إلى الحجر الأسود فيكبر ويستلمه على التفصيل السابق.
ثم يتوجه إلى الصفا وهو يقرأ: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ).
ثم يسعى بين الصفا والمروة، ويجوز له تأخير السعي إذا احتاج إلى راحة، ويبدأ بالصفا مستوعبا المسعى، ولا يلزمه رقي الصفا والمروة في كل شوط بل يكفيه استيعاب المسعى بأن يلصق قدمه بالصفا إذا وافاها، وكذلك المروة، ويسعى بين الميلين سعيا شديدا، والسعي الشديد في هذا الموضع هو: الركض، تأسيا بهاجر، عليها السلام، وذلك إنما يكون للرجال فقط.
ولو نسيه في سعيه أو في بعضه فلا شيء عليه إذ هو سنة مستحبة.
فالسعي والمشي كلاهما جائز فيختار المكلف منهما ما يلائم حاله، فقد يكون قادرا على السعي ولكن يكون المشي أنسب له كأن يكون الزحام شديدا، أو يكون برفقة أم أو زوجة أو طفل صغير يشق عليه السعي فلا يقدر على مفارقتهم رعاية لضعفهم، فالأولى أن يمشي معهم ولا يسعى.
¥