تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال الرسول صلى الله عليه وسلم:" لتفتحن القسطنطينية على يد رجل، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش" .. فحاول ولاة المسلمين جاهدين أن يكون أحدهم هذا الفاتح منذ أيام معاوية بن أبي سفيان في أولى الحملات الإسلامية عليها سنة 44هـ ولم تنجح هذه الحملة، وقد تكررت حملات أخرى في العصر الأموي والعباسي وعصر الدويلات ومنهم السلاجقة وفي مطلع القرن الثامن الهجري الرابع عشر الميلادي خلف العثمانيون السلاجقة وحاولوا أكثر من مرة فتحها وتخليصها من أيدي الرومان ولم يفلحوا حتى جاء إلى السلطة العثمانية السلطان محمد الفاتح 855هـ الموافق 1451 م ولقد ساهمت تربية العلماء على تنشئته على حب الإسلام والإيمان والعمل بالقرآن وسنة سيد الأنام ولذلك نشأ على حب الالتزام بالشريعة الإسلامية، واتصف بالتقى والورع، وحب العلم والعلماء والتشجيع على نشر العلوم وحفظ القرآن الكريم وأدرك أهمية الجهاد الإسلامي وكان الفاتح يطمع أن ينطبق عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يكون الأمير المذكور وبذل في ذلك جهوداً كبيرة في تقوية الجيش العثماني بالقوى البشرية حتى وصل تعداده إلى قرابة ربع مليون مجاهد وعني بتدريبهم على فنون القتال المختلفة وبمختلف أنواع الأسلحة واهتم بجمع الأسلحة الضخمة في ذلك الوقت كالمدافع و ازداد اهتمامه بالأسطول االبحري العثماني كما اعتنى الفاتح بإعدادهم إعداداً معنوياً قوياً وغرس روح الجهاد فيهم فعسى أن يكونوا هم الجيش المقصود بذلك، مما أعطاهم قوة معنوية وشجاعة منقطعة النظير، كما كان لانتشار العلماء بين الجنود أثر كبير في تقوية عزائم الجنود وربطهم بالجهاد الحقيقي

كانت القسطنطينية محاطة بالمياة البحرية في ثلاث جبهات، مضيق البسفور، وبحر مرمرة، والقرن الذهبي الذي كان محمياً بسلسلة ضخمة جداً تتحكم في دخول السفن إليه، بالإضافة إلى ذلك فإن خطين من الأسوار كانت تحيط بها من الناحية البرية من شاطئ بحر مرمرة الى القرن الذهبي، يتخللها نهر ليكوس، وكان بين السورين فضاء يبلغ عرضه 60 قدماً ويرتفع السور الداخلي منها 40 قدماً وعليه أبراج يصل ارتفاعها الى 60 قدماً، وأما السور الخارجي فيبلغ ارتفاعه قرابة خمسة وعشرين قدماً وعليه أبراج موزعة مليئة بالجند، وبالتالي فإن المدينة من الناحية العسكرية تعد من أفضل مدن العالم تحصيناً، لما عليها من الأسوار والقلاع والحصون إضافة إلى التحصينات الطبيعية، وبالتالي فإنه يصعب اختراقها

وصلت الأجناد العثمانية يقودها الفاتح بنفسه الى مشارف القسطنطينية في يوم الخميس 26 ربيع الأول 857هـ الموافق 6 أبريل 1453م وقام بتوزيع جيشه البري أمام الأسوار الخارجية للمدينة، مشكلاً ثلاثة أقسام رئيسية تمكنت من إحكام الحصار البري حول مختلف الجهات، وفي نفس الوقت انتشرت السفن العثمانية في المياه المحيطة بالمدينة، إلا أنها لم تستطع الوصول الى القرن الذهبي بسبب وجود السلسلة الضخمة التي منعت أي سفينة من دخوله بل وتدمر كل سفينة تحاول الدنو والاقتراب، وقام الجيش بمحاولة الاقتحام البري فردته الجيوش البيزنطية المرابطة على الأسوار بقوة ولم تنقطع المساعدات المسيحية من أوروبا والإمدادات للامبراطور البيزنطي وقد حاولت القوات البحرية العثمانية تخطي السلسلة الضخمة التي تتحكم في مدخل القرن الذهبي والوصول بالسفن الإسلامية إليه، وأطلقوا سهامهم على السفن الأوروبية والبيزنطية ولكنهم فشلوا في تحقيق مرادهم .. ودام الحصار والأخذ والرد حتى تبادر لذهن القائد البارع ذي العقلية الحربية المجاهدة الفذة فكرة عظيمة وهي نقل السفن من مرساها في بشكطاش إلى القرن الذهبي، وذلك بجرها على الطريق البري الواقع بين وقد كانت المسافة بين الميناء نحو ثلاثة أميال، ولم تكن أرضاً مبسوطة سهلة ولكنها كانت وهاداً وتلالاً غير ممهدة.

جمع محمد الفاتح أركان حربه وعرض عليهم فكرته، وحدد لهم مكان معركته القادمة، فتلقى منهم كل تشجيع، وأعربوا عن إعجابهم بها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير