تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من خيرية أمة الرسالة الخاتمة]

ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 01 - 2010, 09:13 ص]ـ

جاء في بعض الكتب القديمة على لسان المسيح عليه السلام كما حكى ابن القيم، رحمه الله، في "هداية الحيارى" في وصف الأمة الخاتمة:

"ويرضى الله منهم باليسير من العمل":

فهو مما يستأنس به عند النظر في حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، مرفوعا: "إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنْ الْأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ثُمَّ أُوتِيَ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ الْإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ثُمَّ أُوتِينَا الْقُرْآنَ فَعَمِلْنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ أَيْ رَبَّنَا أَعْطَيْتَ هَؤُلَاءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلًا قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَهُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ"، فلم يظلم الأمتين السابقتين، وإنما بل هو محض فضله يهبه من شاء ويحجبه عمن شاء بحكمته، ولا يعترض على ذلك بأن ذلك ترجيح بلا مرجح، بل لذلك مرجح هو حكمة الرب، جل وعلا، أن اختص هذه الأمة بما لم يختص به غيرها، فلديها من الفضائل الجبلية ما ليس لغيرها، وذلك أليق بها إذ هي المكلفة بحمل الرسالة الخاتمة وتبليغها، فلا يتصور بداهة أن يكون حمل آخر وأكمل الرسالات، فلا وحي بعدها، ليكمل ما لم تكمله، أو يفصل ما لم تفصله، لا يتصور أن يكون ذلك لأمة معزولة عن الفضائل، فالعرب، ابتداء، بوصفهم أول من بلغته هذه الرسالة، قد علم باستقراء أخلاق وطبائع الأمم، على ما كانوا عليه من تشرذم ومعاقرة للشهوات ومباشرة للمظالم صارت مضرب المثل، إلا أن جملتهم خير من جملة بقية الأمم، فلهم من الخلال الإنسانية ما رجحوا به غيرهم رجوح جنس لجنس، لا أفراد لأفراد، فليس كل عربي خيرا من كل عجمي، بداهة، بل من العجم من يزن أمة من العرب في الفضل والديانة، وتاريخ هذه الأمة شاهد عدل على ذلك حتى عقد ابن خلدون، رحمه الله، فصلا، في مقدمته، لبيان سبق العجم في حفظ أصول هذه الديانة، فقد كان لهم دور علمي بارز، ودور عسكري رائد، فالبربر والسلاجقة الأتراك والأيوبيون الأكراد والمماليك ليسوا بعرب، وقد كانوا مادة ملاحم خاضها الإسلام ضد خصومه، وذلك مما يرد به على من يتهم الإسلام بالعنصرية في نحو قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)، فإن هذه الخيرية ليست حكرا على جنس بعينه، كما كان الحال في الأمم الغابرة كأمة اليونان التي كان فلاسفتها، وهم صفوتها، والصفوة مظنة كمال العقل والخلق، كانوا يقررون في فلسفتهم المثالية!: أن العبد المملوك ما هو إلا آلة تتنفس!، فليس له الخصائص التي يمتاز بها عن الجماد إلا الحياة الحيوانية التي يتنفس صاحبها، فلا اعتبار لأي جانب إنساني آخر في حياته، وكذلك كان الحال في أمة الرومان، مع كونهم ممن عرف النبوة ولو مبدلة، فكيف بمن لم يعرف النبوة ولو آثارا دارسة، كأمة الفرس وأمة الهند، وتاريخ العنصرية في هاتين الأمتين معروف لمن طالع سيرهم وسبر أحوالهم، وهو أمر لا زال موجودا إلى اليوم، فالأمة الفارسية تحتقر غيرها عموما، والعرب خصوصا، ورد كسرى على خطاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خير شاهد على ذلك، فهو رد محقر للنبوات، لا يعرف لها قدرا، ولو كان صاحبها مدعيا لها لم يثبت صدقه من كذبه فالدعوى بقطع النظر عن حال مدعيها تستوجب التعظيم فتقبح إساءة الأدب مع صاحبها إن كانت دعواه جائزة فضلا عن ملاءمتها لصرائح العقول والفطر فإنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم سائر على سنن من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير