تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من آية الإذن في القتال]

ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 01 - 2010, 08:58 ص]ـ

من قوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)

فذلك من الإذن الشرعي، فالفاعل قد حذف لدلالة السياق عليه إذ لا يكون إذن في مقام التشريع إلا لله، عز وجل، أو لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بوصفه المبلغ عن ربه، عز وجل، فهو يستقل بإنشاء الأحكام الشرعية من هذا الوجه، فليس لبشر، ولو كان نبيا أن يأمر وينهى في مقام التشريع إلا بإذن الرب، جل وعلا، فهو الذي بعث الرسل عليهم السلام بالشرائع، فكلامهم عند التحقيق: وحي، سواء نسبه النبي إلى ربه، عز وجل، فيكون على حد الكتاب المنزل، أو إلى نفسه فيكون على حد السنة، فكلاهما وحي واجب الاتباع، فمرد الأمر، عند النظر والتدبر، إلى الرب الشارع، عز وجل، فهو الذي أنزل الكتاب بالأحكام، وهو الذي أجاز للنبي أن يشرع الأحكام على حد الاستقلال بمقتضى عصمة منصب النبوة فـ: (مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)، فليس صادرا في ذلك عن قياسه أو ذوقه كما يقع من أصحاب الشرائع الوضعية بل قوله من جملة الشرائع السماوية فهو صاحب الشريعة من هذا الوجه، فهو المبلغ لها، المبين لمجملها، المنشئ لأحكامها بقوله وفعله وتقريره، على خلاف في مسائل من قبيل: إفادة فعله الوجوب أو الندب؟، وإفادة تقريره الإباحة أو ما زاد عليها من الندب أو الإيجاب لقرينة لفظية أو حالية؟، وهل يعتد بتقريره في الفترة المكية والإسلام لما يظهر على خصومه؟ ...... إلخ، والكتاب الذي جاء به وهو أصل الأصول الذي دل على جميع الأحكام، قد دل على وجوب اتباعه على حد الإطلاق، فأفرد بطاعة مستقلة في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)، ولم يفرد من جاء بعده من ولاة الأمر ولو كانوا أفضل الأمة من بعده، لم يفرد من جاء بعده منهم بالطاعة فطاعتهم لطاعة الله، عز وجل، وطاعة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم تبع، فـ: "إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ"، فالقرآن قد دل على حجية السنة مطلقا على ما قرره المحققون من الأصوليين كالقفال الشافعي رحمه الله.

يقول ابن تيمية رحمه الله:

"وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مُسْتَحَبٌّ أَوْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَوْ مُبَاحٌ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلِ شَرْعِيٍّ فَالْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ وَالِاسْتِحْبَابُ وَالْكَرَاهَةُ وَالتَّحْرِيمُ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ مَرْجِعُهَا كُلُّهَا إلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ. فَالْقُرْآنُ هُوَ الَّذِي بَلَّغَهُ. وَالسُّنَّةُ هُوَ الَّذِي عَلَّمَهَا. وَالْإِجْمَاعُ بِقَوْلِهِ عُرِفَ أَنَّهُ مَعْصُومٌ. وَالْقِيَاسُ إنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً إذَا عَلِمْنَا أَنَّ الْفَرْعَ مِثْلَ الْأَصْلِ وَأَنَّ عِلَّةَ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ. وَقَدْ عَلَّمَنَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَنَاقَضُ فَلَا يَحْكُمُ فِي الْمُتَمَاثِلَيْنِ بِحُكْمَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ وَلَا يَحْكُمُ بِالْحُكْمِ لِعِلَّةِ تَارَةً وَيَمْنَعُهُ أُخْرَى مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ إلَّا لِاخْتِصَاصِ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ بِمَا يُوجِبُ التَّخْصِيصَ. فَشَرْعُهُ هُوَ مَا شَرَعَهُ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّتُهُ مَا سَنَّهَا هُوَ لَا يُضَافُ إلَيْهِ قَوْلُ غَيْرِهِ وَفِعْلُهُ - وَإِنْ كَانَ مِنْ أَفْضَلِ النَّاسِ - إذَا وَرَدَتْ سُنَّتُهُ. بَلْ وَلَا يُضَافُ إلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلِ يَدُلُّ عَلَى الْإِضَافَةِ. وَلِهَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ يَقُولُونَ بِاجْتِهَادِهِمْ وَيَكُونُونَ مُصِيبِينَ مُوَافِقِينَ لِسُنَّتِهِ لَكِنْ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَقُولُ فِي هَذَا بِرَأْيِي فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنِّي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير