تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[عن الحب في الله]

ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 12 - 2009, 09:42 ص]ـ

في العشر الأواخر من رمضان الماضي: اعتاد أحد الإخوة الأفاضل الاعتكاف في مسجد حينا، فهو مسجد هادئ، يجد فيه المعتكف الراحة فلا ضجيج يصرف القلب عن الطاعة، وله في تلك السنة الطيبة نحو أربع سنوات، تعرفت فيها على ملامح من شخصيته شيئا فشيئا، إذ لم يتح لي الجلوس معه كثيرا، فلست ممن امتن الله، عز وجل، عليهم بعبادة الاعتكاف التي تحبس فيها النفس أياما على ثغور الطاعة.

والشاهد من ذلك أن للباري، عز وجل، من القدرة على التنويع في الملكات النفسانية ما يشهد بطلاقة ربوبيته، فقد جبل أناسا على الرحمة، وجبل أناسا على القسوة، وجبل أناسا على اللين، وجبل أناسا على الغلظة ........... إلخ. وكان ذلك الأخ الكريم ممن جبل على اللين والرقة، بشكل يدعو، أحيانا، إلى التساؤل عن سر ذلك؟!. ولاحظت تعلقه الشديد بأسرة فاضلة من أسر الحي تكاد تكون أنموذجا للأسرة المسلمة، وإن وقع منها بعض التقصير الذي لا يسلم منه بشر، فالأب رجل فاضل ممن امتن الباري، عز وجل، عليه بالزواج مبكرا، فأنجب ذرية صالحة وهبها كلها تقريبا لحفظ الكتاب العزيز، فدراسة أولاده: دراسة قرآنية أكاديمية في مختلف المراحل الدراسية تقريبا من المرحلة الأساسية وحتى الجامعية، والشاهد أنه شديد التعلق بهم، وهم بدورهم يبادلونه ودا بود، ولكن بقي السؤال عن سر تلك المحبة التي تصل أحيانا إلى حد دعائه لهم في قنوت الوتر إن كانوا غائبين، دون تعيين بالاسم، بطبيعة الحال، فذلك أمر مستغرب في الدعاء الجهري الذي يحسن فيه الدعاء لعموم المسلمين، وإنما يدعو لهم بوصف حفظ القرآن وحمل أمانة التنزيل.

ومع توطد العلاقة بيني وبينه على مر السنوات الأربع الماضية، وإن كنت لا ألقاه كثيرا في غير رمضان لظروف عمله التي تستغرق جل وقته، فهو مهندس كمبيوتر يعمل في مجال الصيانة وتلك مهنة لا وقت لها إذ الأعطال في كل وقت تقريبا!، أعانه الله عزوجل وكل شباب المسلمين على تحصيل أسباب الرزق الحلال، حكى لي جانبا من ظروفه الأسرية، وفيها جاء الجواب عن سر تلك المحبة، فهو يعاني من ظروف أسرية مضطربة جعلته يواجه الحياة مبكرا، فأثر ذلك في نفسه رقة من حرم من الدفء الأسري، فإن أعظم الناس إحساسا بالنعمة من حرمها، ولذلك كان ذلك الأخ حريصا في أمر زواجه، وهو بصدد إتمامه في هذه الآونة، كان حريصا على اختيار زوجة ذات دين، وذات مشاعر تجعلها أما له قبل أن تكون زوجة، فانتقى كريمة أسرة من الأسر الطيبة التي لا زالت فيها المرأة: امرأة، تدرك معاني الأمومة والعطف التي حرمت منها معظم نساء هذا الجيل ذوات التطلعات الذكورية من إثبات للوجود وإنشاء معارك وهمية مع جنس الرجال بمنافسته في مناصبه التي اختصه الله، عز وجل، بها، وإهمال المناصب الشريفة التي اختصت بها النساء من إنجاب وتربية ورعاية للزوج وإدارة للشئون البيتية للأسرة المسلمة .......... إلخ من المناصب التي نجحت المفسدات في الأرض من نسوة المدينة في تزهيدهن فيها فهي مناصب الجواري لا الحرائر!، وهذا زمن حرية المرأة، بل سيادتها وقوامتها على أشباه الرجال الذين يكثر وجودهم في أي مجتمع اختلت فيه الموازين فخرج كل جنس عن خصائصه واقتبس من خصائص الجنس الآخر، فتذكرت النساء وتأنث الرجال، والخروج عن مقتضى الفطرة الكونية مظنة فساد الدين والدنيا، وهو أمر كائن بل يكاد يبلغ حد التواتر في عالمنا المشهود لا سيما في أماكن الدراسة والعمل التي يقع فها الاختلاط، فالطباع سراقة ولا بد أن يكتسب الرجل الذي يكثر من مجالسة النساء بعض أوصافهن ولا بد في المقابل أن تكتسب المرأة التي تكثر من مجالسة الرجال بعض أوصافهم، والمجتمعات التي لا يوجد فيها اختلاط في عافية، أيما عافية، من هذا البلاء.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير