[قصص من وحي الخيال]
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[25 - 12 - 2009, 04:08 ص]ـ
فى قديم الزمان
حيث لم يكن على الأرض بشر بعد، كانت الفضائل والرذائل، تطوف العالم معاً
وتشعر بالملل الشديد
ذات يوم وكحل لمشكلة الملل المستعصية، اقترح الإبداع لعبة وأسماها الاستغماية
أو الغميضة
أحب الجميع الفكرة
وبدأ الكل يصرخ: أنا أريد أن أبدأ .. أنا أريد أن أبدأ
قال الجنون: أنا من سيغمض عينيه ويبدأ العد وأنتم عليكم الاختفاء مباشرة ثم إنه اتكأ بمرفقيه على شجرة وبدأ العد:
واحد، اثنين، ثلاثة
وبدأت الفضائل والرذائل بالاختباء
وجدت الرقة مكاناً لنفسها فوق القمر،
وأخفت الخيانة نفسها في كومة قمامة،
وذهب الولع بين الغيوم
ومضى الشوق إلى باطن الأرض
قال الكذب بصوت عالٍ:- سأخفي نفسي تحت الحجارة، ثم توجه لقعر البحيرة
واستمر الجنون:- تسعة وسبعون، ثمانون، واحد وثمانون
خلال ذلك، أتمت كل الفضائل والرذائل تخفيها
ماعدا الحب
كعادته لم يكن صاحب قرار وبالتالي لم يقرر أين يختفي، وهذا غير مفاجئ لأحد، فنحن نعلم كم هو صعب إخفاء الحب
تابع الجنون:- خمسة وتسعون، ستة وتسعون، سبعة وتسعون
وعندما وصل الجنون في تعداده إلى:- المائة
قفز الحب وسط أجمة من الورد واختفى بداخلها
فتح الجنون عينيه وبدأ البحث صائحاً: أنا آتٍ إليكم، أنا آتٍ إليكم
كان الكسل أول من اكتشف لأنه لم يبذل أي جهد في إخفاء نفسه
ثم ظهرت الرقّة المختفية في القمر
وبعدها خرج الكذب من قاع البحيرة مقطوع النفس
وأشار الجنون على الشوق أن يرجع من باطن الأرض
الجنون وجدهم جميعاً واحداً بعد الآخر، ماعدا الحب، كاد يصاب بالإحباط واليأس في بحثه عن الحب
واقترب الحسد من الجنون،وهمس في أذنه:
الحب مختفٍ بين شجيرة الورد
التقط الجنون شوكة خشبية أشبه بالرمح وبدأ في طعن شجيرة الورد بشكل طائش
ولم يتوقف إلا عندما سمع صوت بكاء يمزق القلوب، ظهر الحب من تحت شجيرة الورد وهو يحجب عينيه بيديه
والدم يقطر من بين أصابعه
صاح الجنون نادماً:- يا إلهي ماذا فعلت بك؟
لقد أفقدتك بصرك، ماذا أفعل كي أصلح غلطتي بعد أن أفقدتك البصر؟
أجابه الحب: لن تستطيع إعادة النظر لي، لكن لازال هناك ما تستطيع فعله لأجلي
(كن دليلي)
وهذا ماحصل من يومها، يمضي الحب الأعمى يقوده الجنون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
وهناك قصة ثانية
ذهبت الحقيقة والكذب إلى النهر للاستحمام فخلعا ملابسهما ونزلا في النهر لكن الكذب خرج مسرعاً فلبس ثوب الحقيقة وعندما خرجت الحقيقة لم تجد ثيابها بل وجدت ثياب الكذب فرفضت لبسها وبقيت عارية ولذلك نجد الحقيقة قاسية ووقحة وجارحة ونجد الكذب لطيفاً
ـ[بل الصدى]ــــــــ[25 - 12 - 2009, 04:24 ص]ـ
إيهٍ أيتها الباحثة!
أعدتني إلى سالف عهدٍ مضى. .
و ذكرتني أيام الطفولة الغضة، يوم كنت أقاوم النوم حتى لا تنتهي القصة!!
فليتك رأيتني كيف كنت أقرأ قبل قليل. .
غاب عن ذهني أنني في الفصيح، و بت أتخيّل و أتخيّل. .
أظنني ذهبت بعيدا فعلا، و لعلّ هذا مما تمليه أجواء السحر
على كلٍ
اختياراتٌ موفّقة كعادتك دائمًا. .
و دمتِ على ما أرجوه لك من التوفيق.
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[25 - 12 - 2009, 04:38 ص]ـ
أهلاً برفيقة السحر .. بل الصدى ونبذة العلم والنهى
كم تسعدني قراءة تعليقك فهي تعبر عما شعرت به عندما قرأتها .. استغراق تام وتلذذ ممتع
بارك الله فيك ومتعك بسعادة الدارين
شكراً لمرورك الطيب
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[25 - 12 - 2009, 04:52 ص]ـ
ولذلك نجد الحقيقة قاسية ووقحة وجارحة
إذن لماذا تبحثين عنها؟:)
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[25 - 12 - 2009, 01:26 م]ـ
شكراً لمرورك الطيب أستاذ عز الدين
أبحث عن الحقيقة القاسية الجارحة خير من أن أبحث عن وهم وكذب لذيذ خادع
الحقيقة تبقى والكذب زائل ويكفي أنها مشتقة من الحق اسم من أسماء الله الحسنى
بارك الله فيك وسدد خطاك
ـ[رحمة]ــــــــ[25 - 12 - 2009, 02:34 م]ـ
أبحث عن الحقيقة القاسية الجارحة خير من أن أبحث عن وهم وكذب لذيذ خادع
الحقيقة تبقى والكذب زائل
صحيح أختي بارك الله فيكِ
ما أقوله هو عوداً حميداً أنرت منتداكِ بموضوعاتكِ المميزة اللهم بارك
جزاكِ الله كل خير أختي الحبيبة
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[25 - 12 - 2009, 04:22 م]ـ
ما أجملها من قصص! وما أروعه من أسلوب! والفضل لمن أتاح لنا فرصة الاطلاع عليها.
كل الشكر لك أختي الباحثة عن الحقيقة على هذه القصص الرائعة.
لا بد أن يكون لي مرور آخر من هنا.
ـ[الكاتب الأول]ــــــــ[25 - 12 - 2009, 09:59 م]ـ
من الجميل أن نمنح الخصال الحياة
و فعلاً فعل كلٌ ذاته
قصة رائعة فيها حكمة
بارك الله بك أختي الكريمة
ـ[معالي]ــــــــ[25 - 12 - 2009, 10:32 م]ـ
جميلة!
أظنها تلحق بما يسمى (الأسطورة الأدبية)، وهذه فن رائع، يأخذ بالألباب، ويستميل العقول!
تذكرت وأنا أقرأ قصتيك قصة رواها الأديب الشعبي -إن جازت النسبة- عمر الفرا، وهي تتحدث عن زهرة الياسمين، وقد استوحى منها قصيدته (الياسمينة)، والقصة رائعة جدا، سأحاول أن آتي بها أو يكفيني مؤونة ذلك من يعرف لها موضعا.
تحية وتقدير.
¥