المغرب مشغول بالثورات الداخلية ناس يثورون على ناس، وبنو مرين ثاروا على الموحدين في داخل المغرب، والمدينة الوحيدة المسلمة الباقية في الأندلس الولاية الوحيدة المسلمة هي غرناطة التي تحاصر أشبيلية، في 27 من شهر رمضان سنة 646 هـ الموافق 1248م، بعد 17 شهر كاملا من الحصار الشديد تسقط أشبيلية بأيدي المسلمين الذين عاونوا النصارى تسقط أشبيلية ثاني أكبر مدينة في الأندلس، هذه المدينة صاحبة التاريخ المجيد والعمران العظيم تسقط أشبيلية ومن أقوى حصون الأندلس تسقط أشبيلية ويغادر أهلها المسلمون يغادروا البلاد ويهجر هؤلاء بلادهم يشرد منها 400ألف مسلم يطردوا من أشبيلية واحسرتاه على المسلمين تفتح حصونهم وتدمر قواتهم بأيديهم وما فتئ الزمان يدور حتى مضى بالمجد قوم آخرونا.
وأصبح لا يرى في الركب قوم وقد عاشوا أئمته سنينا.
وآلمني وألم كل حر سؤال الدهر أين المسلمون.
وعلى هذا تكون اشبيلية اختفت ليس من تلك الفترة وإنما اختفت إلى اليوم من خارطة الإسلام وما زال إلى الآن مسجدها الكبير الذي أسسه "يعقوب المنصور الموحدي" بعد انتصاره العظيم في معركة الأرق الخالدة، أسسه بغنائم المسلمين من النصارى في معركة الأرق، ما زال هذا المسجد إلى اليوم كنيسة يعلق فيها الصليب ويعبد فيه المسيح بعد أن كانت أعظم ثغور الإسلام ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولم يتبقى في الأندلس سنة 646هـ 1248م، لم يبقى في الأندلس أي ولاية إسلامية غير غرناطة وغرناطة مدينة والمدن التي حواليها يتبعونها من باب أنها ولاية كاملة.
وظلت هذه المدن تابعة لغرناطة وسميت مملكة غرناطة، لا تمثل كما ذكرنا هذه المملكة سوى 15% فقط من أرض الأندلس 85% من أرض الأندلس قد ضاع تضم غرناطة بالإضافة إلى المدينة الرئيسية غرناطة 3 ولايات متحدة، ولاية غرناطة وولاية ملقة، وولاية المرية، ثلاثة ولايات تقع كلها تحت غرناطة تحت حكم ابن الأحمر طبعا كل واحدة لها شيء من الاستقلال ذاتي لكن سياسيا وعسكريا هي تتبع ابن الأحمر داخل الولايات هناك استقلال نسبي، وقبل أن نكمل دعونا نتساءل ونتعجب، لماذا يعقد فرناندوا الثالث اتفاقية مع ابن الأحمر؟ لماذا لم يأكل غرناطة كما أكل غيرها من بلاد المسلمين دون عهود ودون اتفاقيات؟
طبعا هناك أسباب.
أولا: كانت بغرناطة كثافة سكانية عالية جدا، طبعا من أسباب هذه الكثافة أنه كلما سقطت دويلة من دويلات المسلمين هاجر أهلها إلى غرناطة، فكان النصارى فكانوا ينتهجون نهجا واحدا وهو إما قتل المسلمين أو تشريدهم أو طردهم ... فالذين كانوا يشردوا أو يطردوا كانوا يتجمعون في غرناطة، فالذين تجمعوا في غرناطة بسبب سقوط مدنهم في أيدي النصارى تجمعوا كلهم في الجنوب الشرقي في غرناطة، يقال أن وصلت الأعداد أكثر من مليون نسمة سكان غرناطة.
ثم كانت غرناطة لها حصون منيعة جدا دعمت على مدى السنين وكانت يعني متعبة لكل من يحاول أن يفتحها.
الأمر الثالث: أنها كانت تقع في الجنوب الشرقي عند البحر المتوسط فقريبة جدا من بلاد المغرب العربي وقامت في بلاد المغرب العربي .. كما ذكرنا دولة إسلامية جديدة هي دولة بني مرين التي ثارت على الموحدين الذين ثاروا على المرابطين هذه دولة بني المرين كانت دولة سنية تقوم على التقوى وكانت بين الحين والآخر تساعد غرناطة.
ومن هنا هذه العوامل مجتمعة جعلت غرناطة تصمد ومن هنا وافق فرناندوا الثالث على عقد هذه الاتفاقية طبعا هذا ما كان يمنع أنه بين حين وآخر كان النصارى القتشتاليون بقيادة فرناندوا الثالث ومن تبعه طبعا من ملوك النصارى كانوا يخونون العهد مع ابن الأحمر فيهجمون على بعض المدن ويحتلونها ويحاولون أخذ بعض الحصون وكان ابن الأحمر طبعا يحاول أن يستردها لكن بدون فائدة فبدأت غرناطة تتقلص شيئا فشيئا.
المصدر ( http://www.bagdouri.com/%D8%AF%D8%B1%D9%88%D8%B3/%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE/02-%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B3-1)